قيل: "أمْ" فيها معنيان: أحدهما الاستفهام، والآخر العطف. فلمّا احتيج إلى معنى العطف فيها مع "هَلْ"، خُلع منها دلالة الاستفهام، وبقي العطفُ بمعنَى "بَلْ" للترك. ولذلك قال سيبويه (¬1): إنّ "أمْ" تجيء بمنزلةِ "لا بَلْ" للتحويل من شيء إلى شيء. وليس كذلك الهمزةُ، لأنّه ليس فيها إلَّا دلالةٌ واحدةٌ. وقد أجاز المبرّد دخولَ همزة الاستفهام على "هَلْ" وعلى سائر أسماء الاستفهام، وأنشد [من البسيط]:
سايل فوارس يربوع ... إلخ
وهو قليل لا يُقاس عليه. ووجهُ ذلك أنَّه جعل "هَلْ" بمنزلة "قَد" من قوله: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} (¬2)، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (¬3)، فالرواية: بشَدَّتنا بفتح الشين. والشَّدَّةُ: الحَمْلة الواحدة، فاعرفه.
فصل [حذف همزة الاستفهام]
قال صاحب الكتاب: وتحذف الهمزة إذا دل عليها الدليل. قال [من الطويل]:
1170 - لعمرك ما أدري وإن كنت داريًا ... بسبعٍ رمين الجمر أم بثمانِ؟
* * *
¬__________
= بالضمّة. "من متردّم": جاز ومجرور متعلّقان بالفعل قبلهما. "أم": حرف عطف. "هل": حرف استفهام. "عرفت": فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرّك، والتاء: ضمير متصل مبنى في محلّ رفع فاعل."الدار": مفعول به منصوب بالفتحة. "بعد": مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة، وهو مضاف معلق بالفعل "عرفت". "توهم": مضاف إليه مجرور بالكسرة.
وجملة "هل غادر الشعراء": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وعطف عليها جملة "عرفت".
والشاهد فيه قوله: "أم هل" حيث دخلت "أم" وفيها معنى الاستفهام على "هل" وهي حرف استفهام.
(¬1) الكتاب 3/ 190.
(¬2) الإنسان: 1.
(¬3) الغاشية: 1.
1170 - التخريج: البيت لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص 266؛ والأزهية ص 127؛ وخزانة الأدب 11/ 122، 124، 127، 132؛ والدرر 6/ 100؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 151؛ وشرح شواهد المغني 1/ 31؛ والكتاب 3/ 175؛ومغني اللبيب 1/ 14؛ والمقاصد النحوية 4/ 142؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص 35؛ والجنى الداني ص 35؛ ورصف المباني ص 45؛ وشرح عمدة الحافظ ص 620؛ والصاحبي في فقه اللغة ص 184؛ والمحتسب 1/ 50؛ والمقتضب 3/ 294؛ وهمع الهوامع 2/ 132.
المعنى: من شدّة ذهوله لم يعرف عدد الجمار التي رمين بها: أسبع أم ثمان؟
الإعراب: "لعمرك": اللام: حرف ابنداء وقسم، "عمرك": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والكاف: ضمير متصل مبنيّ في محل جرّ بالإضافة، وخبره محذوف تقديره: "قسمي". "ما": حرف نفي. =