قال الشارح: الفاء لا تدغم إلّا في مثلها؛ نحو قوله تعالى: {وما اختلف فّيه} (¬1)، و {وَالصَّيْفِ* فَلْيَعْبُدُوا} (¬2)، و {كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ} (¬3) , ونحوه. ولا تدغم في غيرها؛ لأنّها من حروف "ضمّ شُفْرٍ"، ففيها تفشٍّ يُزيله الادغامُ. فأمّا ما حُكى عن الكسائي من ادغامه لها في الباء في قوله عز وجل: {نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ} (¬4) فشاذّ. وتدغم الباء في الفاء لتقارُبهما في المخرج؛ لأنّهما من الشفة، كقولك: "اذهب فَّانظُرْ"، و {لَا رَيْبَ فِيهِ} (¬5)، فالفاء أقوى صوتًا لما فيها من التفشّي.
فصل [ادّغام الباء]
قال صاحب الكتاب: والباء تدغم في مثلها, قرأ أبو عمرو: {لذهب بسمعهم} (¬6) , وفي الفاء والميم, نحو: {اذهب فمن تبعك} (¬7) , و {وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} (¬8). ولا يدغم فيها إلا مثلها.
* * *
قال الشارح: الباء تدغم في مثلها، كقوله عر وجل: {لذهب بّسمعهم} (¬9)، و {الكِتَابَ بِّالْحَقِّ} (¬10)، لاتّحاد المخرج. وتدغم في الفاء على ما ذكرناه، وفي الميم لأنّهما من الشفة، كقولك: "اصْحَب مَّطَرًا"، و"اطْلُب مُّحمّدًا". وقرأ أبو عمرو: {وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاء} (¬11). ويفعل ذلك بـ "يعذّب من يشاء" حيث وقع، ولا يفعل ذلك في مثل "أَنْ يَضْرِبَ" مَثَلًا، و {يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} (¬12)، بل يُظْهِره.
وإنما خصّ الأوّلَ بالادغام من قبل أنّه لا يكاد يقع في القرآن إلّا وقبله أو بعده مدّغمٌ، نحو: {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬13)، و {وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ} (¬14)، فادّغم للمشاكَلة، ومن
¬__________
(¬1) البقرة: 213.
(¬2) قريش: 2 - 3.
(¬3) الفجر: 6، والفيل:1.
(¬4) سبأ: 9.
(¬5) آل عمران: 9 وغيرها. ولم أقع على هذه القراءة في معجم القراءات القرآنية.
(¬6) البقرة:20. ولم أقع على هذه القراءة في معجم القراءات القرآنية.
(¬7) الإسراء: 63. وهذه قراءة أبى عمرو، والكِسائىّ، وابن ذكوان. انظر: النشر في القراءات العشر 2/ 908؛ ومعجم القراءات القرآنية 3/ 330.
(¬8) البقرة: 284. وغيرها.
(¬9) البقرة: 20.
(¬10) البقرة: 213.
(¬11) البقرة: 284. وهي أيضًا قراءة حمزة والكسائي والأعمش وغيرهم. انظر: إتحاف فضلاء البشر ص 167؛ ومعجم القراءات القرآنية 1/ 230.
(¬12) النساء: 81.
(¬13) آل عمران: 129.
(¬14) العنكبوت: 21.