كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 5)

وتقول في المفعول: "كرِهتُ أن قمتَ"، أي: قيامَك، و"أكرَهُ أن تقوم".
وتقول في المجرور: "عجبتُ مِن أن قمتَ"، و"مِن أن تقوم".
ومجرَى و"أنْ" في ذلك مجرَى "أنَّ" المشدّدةِ، إذ كانت "أنَّ" مع اسمها وخبرها. في تأويلِ مصدر مشتقٍّ من لفظ خبرها. وتجري بوُجوه الإعراب على ما ذكرنا في "أن" المخفّفة، نحوَ قولك: "أعجبني أن تحسن"، أي: إحسانُك.
وقوله: "أن وما في حيّزها"، يريد: ما هو بعدها من تمامها، مأخوذٌ من "حيّزِ الدار"، وهو ما يتعلق بها من الحُقوق والمَرافِق، فاعرفه.

فصل ["أن" في لغة تميم وأسد"]
قال صاحب الكتاب: وتميم وأسدٌ يحولون همزتها عيناً, فينشدون بيت ذي الرمة [من البسيط]:
أأن ترسمت من خرقاء منزلة ... [ماء الصبابة من عينيك مسجوم] (¬1)
"أعن ترسمت"، وهي عنعنة بني تميم. وقد مر الكلام في "لا" و"لن".
* * *
قال الشارح: هذه لغةٌ لتميم وأسدٍ، يُبدِلون من الهمزة المفتوحة عينًا، وذلك في "أنَّ" و"أنْ" خاصة إيثارًا للتخفيفَ؛ لكثرة استعمالهما وطُولِهما بالصلة، قالوا: "أشهدُ أنَّ محمّدًا رسولُ الله". ولا يجوز مثل ذلك في المكسورة. وأنشدوا بيت ذي الرمّة [من البسيط]:
أعن ترسّمت ... إلخ
والمراد: أنْ، وأُبدلت عينًا، وذلك لقُرْبها منها. وهي أخفُّ منها؛ لارتفاعها إلى وسط الحلق. يُقال: "ترسمتُ الدارَ والمنزلَ"، إذا تأمّلتَ رسمَها. وخَرْقاءُ: صاحبةُ ذي الرمّة، وهي من بني عامر بن رَبِيعَةَ بن صَعْصَعَةَ، والصَّبابةُ: رِقةُ الشَّوْق. ومسجومٌ: مصبوبٌ، يُقال: "سَجَمَ الدَّمْعُ"، و"سجمتِ العينُ دمعَها"، فهو مسجومٌ. وأنشدوا أيضًا في إبدال الهمزة عينًا [من البسيط]:
1166 - أعَن تَغنت على ساقٍ مُطوَّقةٌ ... وَرْقاءُ تدعو هَدِيلًا فوق أعْوادِ
¬__________
(¬1) تقدم بالرقم 1120.
1166 - التخريج: البيت لإبراهيم بن هرمة في ديوانه ص 105؛ وخزانة الأدب 6/ 390، 11/ 236؛ والخصائص 2/ 6، 3/ 143؛ وسرّ صناعة الإعراب 1/ 230؛ ومجالس ثعلب ص 101؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص370؛ والممتع في التصريف 1/ 413.=

الصفحة 97