كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 5)

فَإِنْ بَدَأَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ حُسِبَ الشَّهْرُ بَعْدَهُ بِالْهِلَالِ وَأَتَمَّ الْأَوَّلَ مِنْ الثَّالِثِ ثَلَاثِينَ، وَيَفُوتُ التَّتَابُعُ بِفَوَاتِ يَوْمٍ بِلَا عُذْرٍ وَكَذَا بِمَرَضٍ فِي الْجَدِيدِ، لَا بِحَيْضٍ وَكَذَا جُنُونٌ عَلَى الْمَذْهَبِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: لَا يَصِحُّ مِنْ الْمُكَفِّرِ الصَّوْمُ إلَّا بِتَحْقِيقِ جَوَازِهِ بِتَعَذُّرِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ، فَلَوْ نَوَى مِنْ اللَّيْلِ الصَّوْمَ قَبْلَ طَلَبِ الرَّقَبَةِ ثُمَّ طَلَبَهَا فَلَمْ يَجِدْهَا لَمْ تَصِحَّ النِّيَّةُ (فَإِنْ بَدَأَ) بِهَمْزَةٍ مِنْ الِابْتِدَاءِ بِالصَّوْمِ (فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ) كَعِشْرِينَ يَوْمًا مِنْ الْمُحَرَّمِ (حُسِبَ الشَّهْرُ بَعْدَهُ) وَهُوَ صَفَرُ (بِالْهِلَالِ وَأَتَمَّ) الشَّهْرَ (الْأَوَّلَ) وَهُوَ الْمُحَرَّمُ (مِنْ الثَّالِثِ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا بِعَشَرَةٍ مِنْ رَبِيعٍ لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ فِيهِ إلَى الْهِلَالِ فَاعْتُبِرَ بِالْعِدَّةِ (وَيَفُوتُ التَّتَابُعُ بِفَوَاتِ يَوْمٍ بِلَا عُذْرٍ) وَلَوْ كَانَ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ كَمَا إذَا فَسَدَ صَوْمُهُ أَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي، وَالنِّسْيَانُ لَا يُجْعَلُ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْمَأْمُورَاتِ، وَهَلْ يَبْطُلُ مَا مَضَى أَوْ يَنْقَلِبُ نَفْلًا؟ فِيهِ قَوْلَانِ: رَجَّحَ فِي الْأَنْوَارِ أَوَّلَهُمَا وَابْنُ الْمُقْرِي ثَانِيَهُمَا، وَيَنْبَغِي حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى الْإِفْسَادِ بِلَا عُذْرٍ وَالثَّانِي عَلَى الْإِفْسَادِ بِعُذْرٍ، وَلَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ صَوْمِ يَوْمٍ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّوْمِ وَلَوْ مِنْ صَوْمِ الْيَوْمِ الَّذِي شَكَّ فِي نِيَّتِهِ لَمْ يَضُرَّ إذْ لَا أَثَرَ لِلشَّكِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْيَوْمِ، وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الصَّلَاةِ بِأَنَّهَا أَضْيَقُ مِنْ الصَّوْمِ
تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ أَفْطَرَ لِسَفَرٍ، أَوْ أَفْطَرَتْ الْحَامِلُ، أَوْ الْمُرْضِعُ لِأَجْلِ الْوَلَدِ، أَوْ أَفْطَرَ لِفَرْطِ الْجُوعِ فَإِنَّ التَّتَابُعَ يَفُوتُ وَإِنْ وُجِدَ عُذْرٌ (وَكَذَا) يَفُوتُ التَّتَابُعُ لِعُذْرٍ (بِمَرَضٍ) مُسَوِّغٍ لِلْفِطْرِ (فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّ الْمَرَضَ لَا يُنَافِي الصَّوْمَ وَقَدْ أَفْطَرَ بِاخْتِيَارِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ فَأَفْطَرَ، وَالْقَدِيمُ لَا يُقْطَعُ التَّتَابُعُ؛ لِأَنَّ التَّتَابُعَ لَا يَزِيدُ عَلَى أَصْلِ وُجُوبِ رَمَضَانَ، وَهُوَ يَسْقُطُ بِالْمَرَضِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ خَوْفَ الْمَرَضِ قَاطِعٌ مِنْ بَابٍ أَوْلَى، وَ (لَا) يَزُولُ التَّتَابُعُ فِي الصَّوْمِ (بِحَيْضٍ) لِأَنَّهُ يُنَافِي الصَّوْمَ وَلَا تَخْلُو عَنْهُ ذَاتُ الْأَقْرَاءِ فِي الشَّهْرِ غَالِبًا، وَالتَّأْخِيرُ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ فِيهِ خَطَرٌ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَعْتَدَّ الِانْقِطَاعَ شَهْرَيْنِ فَأَكْثَرُ، فَإِنْ اعْتَادَتْ ذَلِكَ فَشَرَعَتْ فِي الصَّوْمِ فِي وَقْتٍ يَتَخَلَّلُهُ الْحَيْضُ انْقَطَعَ كَمَا نَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ، وَكَذَا لَوْ ابْتَدَأَ الْمُكَفِّرُ الصَّوْمَ فِي وَقْتٍ يَعْلَمُ دُخُولَ مَا يَقْطَعُهُ عَنْ إتْيَانِهِ كَشَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ يَوْمِ النَّحْرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَأَهْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ
تَنْبِيهٌ: النِّفَاسُ كَالْحَيْضِ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: يَقْطَعُهُ لِنُدْرَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَطُرُوِّ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي كَفَّارَةِ قَتْلٍ لَا ظِهَارٍ، إذْ لَا يَجِبُ عَلَى النِّسَاءِ، وَمِنْ ثُمَّ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ ذِكْرَهُ الْحَيْضَ هُنَا وَكَلَامَهُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِي مُطْلَقِ الْكَفَّارَةِ، وَأَيْضًا قَدْ يُتَصَوَّرُ مِنْ الْمَرْأَةِ بِأَنْ تَصُومَ عَنْ قَرِيبِهَا الْمَيِّتِ الْعَاجِزِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ بِنَاءً عَلَى الْقَدِيمِ الْمُخْتَارِ (وَكَذَا جُنُونٌ) لَا يَزُولُ بِهِ التَّتَابُعُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِمُنَافَاتِهِ لِلصَّوْمِ كَالْحَيْضِ وَيَأْتِي فِي الْجُنُونِ الْمُتَقَطِّعِ مَا سَبَقَ عَنْ الْمُتَوَلِّي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخَائِرِ، وَالْإِغْمَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ كَالْجُنُونِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ،

الصفحة 49