كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 5)

قِيلَ: وَإِنْذَارٍ قَبْلَ رَمْيِهِ.

وَلَوْ عَزَّرَ وَلِيٌّ وَوَالٍ وَزَوْجٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ فِي مُنْعَطَفِ لَا يَرَاهُنَّ النَّاظِرُ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِنَّ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَحَسْمًا لِمَادَّةِ النَّظَرِ، فَقَدْ يُرِيدُ سَتْرَ حُرَمِهِ عَنْ النَّاسِ وَإِنْ كُنَّ مُسْتَتِرَاتٍ. وَالشَّرْطُ الثَّانِي مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ (قِيلَ: وَ) بِشَرْطِ (إنْذَارٍ) بِمُعْجَمَةٍ (قَبْلَ رَمْيِهِ) عَلَى قِيَاسِ الدَّفْعِ بِالْأَهْوَنِ فَالْأَهْوَنِ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ، إذْ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ الْإِنْذَارُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَمَجَالُ التَّرَدُّدِ فِي الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ مَوْعِظَةٌ وَتَخْجِيلٌ قَدْ يُفِيدُ وَقَدْ لَا يُفِيدُ. فَأَمَّا مَا يُوثَقُ بِكَوْنِهِ دَافِعًا مِنْ تَخْوِيفٍ وَزَعْقَةٍ مُزْعِجَةٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي وُجُوبِ الْبَدَاءَةِ خِلَافٌ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا حَسَنٌ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ. فَإِنْ قِيلَ: تَصْحِيحُ عَدَمِ وُجُوبِ الْإِنْذَارِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ شَخْصٌ دَارِهِ أَوْ خَيْمَتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ لَهُ دَفْعَهُ، وَإِنْ أَتَى الدَّفْعُ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ قَبْلَ إنْذَارِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الدَّفْعِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ رَمْيَ الْمُتَطَلِّعِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ كَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ، وَدَفْعُ الدَّاخِلِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَلَزِمَ سُلُوكُ مَا يُمْكِنُ، وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا ذَكَرُوهُ وَمَا مَرَّ فِي تَخْلِيصِ الْيَدِ مِنْ عَاضِّهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا أَهْدَرَ ثَنِيَّةَ الْعَاضِّ بِنُزَّعِ الْمَعْضُوضِ يَدَهُ مِنْ. فِيهِ لَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ وُجُودِ الْإِنْذَارِ وَعَدَمِهِ.

وَلَوْ قَتَلَ شَخْصٌ آخَرَ فِي دَارِهِ وَقَالَ: إنَّمَا قَتَلْتُهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِي أَوْ مَالِي وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ دَفْعًا، وَيَكْفِي قَوْلُهَا دَخَلَ دَارِهِ شَاهِرَ السِّلَاحِ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُهَا دَخَلَ بِسِلَاحٍ مِنْ غَيْرِ شَهْرٍ إلَّا إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْفَسَادِ، أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَتِيلِ عَدَاوَةٌ فَيَكْفِي ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَا يَتَعَيَّنُ ضَرْبُ رِجْلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الدُّخُولُ بِهِمَا لِأَنَّهُ دَخَلَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ قَصْدُ عُضْوٍ بِعَيْنِهِ. وَلَوْ أَخَذَ الْمَتَاعَ وَخَرَجَ فَلَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ وَيُقَاتِلَهُ إلَى أَنْ يَطْرَحَهُ، وَلَا يَجُوزُ دُخُولُ بَيْتِ شَخْصٍ إلَّا بِإِذْنِهِ مَالِكًا كَانَ أَوْ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا، فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا، أَوْ قَرِيبًا غَيْرَ مَحْرَمٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنٍ صَرِيحٍ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَابُ مُغْلَقًا أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ مَحْرَمًا فَإِنْ كَانَ سَاكِنًا مَعَ صَاحِبِهِ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الِاسْتِئْذَانُ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يُشْعِرَهُ بِدُخُولِهِ بِتَنَحْنُحٍ أَوْ شِدَّةُ وَطْءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لِيَسْتَتِرَ الْعُرْيَانُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاكِنًا فَإِنْ كَانَ الْبَابُ مُغْلَقًا لَمْ يَدْخُلْ إلَّا بِإِذْنٍ، وَإِنْ كَانَ مَفْتُوحًا فَوَجْهَانِ: وَالْأَوْجَهُ الِاسْتِئْذَانُ.

فُرُوعٌ: لَوْ صَالَ عَبْدٌ مَغْصُوبٌ أَوْ مُسْتَعَارٌ عَلَى الْمَالِكِ فَقَتَلَهُ دَفْعًا لَمْ يَبْرَأْ كُلٌّ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَعِيرِ مِنْ الضَّمَانِ إذْ لَا أَثَرَ بِقَتْلِهِ دَفْعًا.

وَلَوْ قَطَعَ يَدَ صَائِلٍ دَفْعًا، وَوَلَّى فَتَبِعَهُ فَقَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ وَلَّى عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَنْقُصُ بِنَقْصِ الْيَدِ؛ وَلِهَذَا لَوْ قَتَلَ مَنْ لَهُ يَدَانِ مِنْ لَيْسَ لَهْ إلَّا يَدٌ قُتِلَ بِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ مِنْ فَحْلٍ صَائِلٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يَهْرُبْ فَقَتَلَهُ دَفْعًا ضَمِنَ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْهَرَبِ عَلَيْهِ إذَا صَالَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ.

وَفِي حِلِّ أَكْلِ لَحْمِ الْفَحْلِ الصَّائِلُ الَّذِي تَلِفَ بِالدَّفْعِ إنْ أُصِيبَ مَذْبَحُهُ وَجْهَانِ. وَجْهُ مَنْعِ الْحِلِّ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الذَّبْحَ وَالْأَكْلَ وَالرَّاجِحُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْحِلُّ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ.

(وَلَوْ عَزَّرَ وَلِيٌّ) مَحْجُورَهُ (وَوَالٍ) مَنْ رُفِعَ إلَيْهِ (وَزَوْجٌ) زَوْجَتَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ نُشُوزٍ وَغَيْرِهِ (وَمُعَلَّمٌ) صَغِيرًا يَتَعَلَّمُ

الصفحة 534