كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 5)

قُلْت: وَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَلَوْ عَاشَرَهَا أَجْنَبِيٌّ انْقَضَتْ وَاَللَّه أَعْلَمُ

وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً بِظَنِّ الصِّحَّةِ وَوَطِئَ انْقَطَعَتْ مِنْ حِينِ وَطِئَ، وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ مِنْ الْعَقْدِ

وَلَوْ رَاجَعَ حَائِلًا ثُمَّ طَلَّقَ اسْتَأْنَفَتْ، وَفِي الْقَدِيمِ تَبْنِي إنْ لَمْ يَطَأْ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمُحَرَّرِ عَنْ الْمُعْتَبِرِينَ، وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَئِمَّةِ، وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْمُفْتَى بِهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ لَا شَكَّ فِيهِ
قَالَ: وَقَدْ صَارَ فُقَهَاءُ الْعَصْرِ وَقُضَاتُهُ لَا يَعْرِفُونَ غَيْرَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَا يُفْتَى وَيُحْكَمُ إلَّا بِهِ، فَاعْتَمِدْ مَا حَقَّقْتُهُ لَك تَرْشُدْ إنْ شَاءَ اللَّهُ اهـ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (قُلْت: وَيَلْحَقُهَا) حَيْثُ حُكِمَ بِعَدَمِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِمَا ذُكِرَ (الطَّلَاقُ) أَيْ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ وَثَالِثَةٌ إنْ كَانَ طَلَّقَهَا طَلْقَةً فَقَطْ (إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّهُ مُقْتَضَى الِاحْتِيَاطِ أَيْ فَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا صَحَّحَ مِنْ مَنْعِ الرَّجْعَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِلَا وَطْءٍ مَا إذَا وَطِئَ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لَمْ يَمْنَعْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ زِنًا لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا امْتَنَعَ الْمُضِيُّ فِي الْعِدَّةِ مَا دَامَ يَطَؤُهَا؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَهِيَ مَشْغُولَةٌ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ عَنْ الْحَمْلِ، فَإِنَّ الْمُعَاشَرَةَ لَا تَمْنَعُ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِهِ بِحَالٍ (وَلَوْ عَاشَرَهَا أَجْنَبِيٌّ) بِلَا وَطْءٍ (انْقَضَتْ) عِدَّتُهَا مَعَ مُعَاشَرَتِهِ لَهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَإِنْ وَطِئَهَا عَالِمًا بِلَا شُبْهَةٍ فَهُوَ زَانٍ، أَوْ بِهَا فَهُوَ مُوجِبٌ لِلْعِدَّةِ كَمَا سَبَقَ، وَإِنْ عَاشَرَهَا بِشُبْهَةٍ فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يَجُوزُ أَنْ يَمْنَعَ الِاحْتِسَابَ كَمَا مَرَّ أَنَّهَا فِي زَمَنِ الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ خَارِجَةٌ عَنْ الْعِدَّةِ.
تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ وَعَاشَرَهَا سَيِّدُهَا، فَإِنَّ فِيهِ الِاخْتِلَافَ السَّابِقَ حَتَّى لَا تَنْقَضِيَ فِي الرَّجْعِيَّةِ

فَرْعٌ: لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ ظَانًّا انْقِضَاءَهَا وَتَحَلُّلَهَا بِزَوْجٍ آخَرَ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ كَالرَّجْعِيَّةِ (وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً بِظَنِّ الصِّحَّةِ) لِنِكَاحِهَا (وَوَطِئَ انْقَطَعَتْ) عِدَّتُهَا بِالْوَطْءِ لِحُصُولِ الْفِرَاشِ بِهِ، وَتَنْقَطِعُ الْعِدَّةُ (مِنْ حِينِ وَطِئَ) لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ لَا حُرْمَةَ لَهُ، فَلَا تَصِيرُ الْمَرْأَةُ فِرَاشًا إلَّا بِالْوَطْءِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَطَأْ، فَإِنَّ الْعِدَّةَ لَا تَنْقَطِعُ وَإِنْ عَاشَرَهَا لِانْتِفَاءِ الْفِرَاشِ (وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ مِنْ الْعَقْدِ) لِإِعْرَاضِهَا عَنْ الْأَوَّلِ بِعَقْدِ النِّكَاحِ

تَنْبِيهٌ: تَرَدُّدُهُ فِي الْخِلَافِ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ وَرَجَّحَ فِي الشَّرْحَيْنِ كَوْنَهُ وَجْهًا وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ لِذِكْرِهَا فِي قَوْلِ الْمَتْنِ سَابِقًا، وَلَوْ نَكَحَتْ فِي الْعِدَّةِ فَاسِدًا.
أُجِيبَ بِأَنَّهَا ذُكِرَتْ هُنَا لِبَيَانِ وَقْتِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ الْأُولَى وَهُنَاكَ لِتَصْوِيرِ عِدَّتَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ (وَلَوْ رَاجَعَ) فِي الْعِدَّةِ (حَائِلًا) وَطِئَهَا بَعْدَ رَجْعَتِهَا أَمْ لَا (ثُمَّ طَلَّقَ اسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةً فِي الْجَدِيدِ لِعَوْدِهَا بِالرَّجْعَةِ إلَى النِّكَاحِ الَّذِي وُطِئَتْ فِيهِ (وَفِي الْقَدِيمِ) لَا تَسْتَأْنِفُ بَلْ (تَبْنِي) عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ عِدَّتِهَا قَبْلَ الرَّجْعَةِ (إنْ لَمْ يَطَأْ) هَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ كَمَا لَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا وَطَلَّقَهَا قَبْلَ

الصفحة 93