كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 5)

أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ فِي إعَادَةِ الْحَجِّ عَلَى الصَّبِيِّ إذَا احْتَلَمَ، وَعَلَى الْعَبْدِ إذَا عَتَقَ، وَعَلَى الْأَعْرَابِيِّ إذَا هَاجَرَ - وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ.
كَمَا رُوِّينَا عَنْ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: الصَّبِيُّ إنْ حَجَّ، وَالْمَمْلُوكُ إنْ حَجَّ، وَالْأَعْرَابِيُّ إنْ حَجَّ، ثُمَّ هَاجَرَ الْأَعْرَابِيُّ، وَاحْتَلَمَ الصَّبِيُّ، وَعَتَقَ الْعَبْدُ فَعَلَيْهِمْ الْحَجُّ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: أَمَّا الْأَعْرَابِيُّ فَيُجْزِئُهُ حَجُّهُ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ، وَالْمَمْلُوكُ فَعَلَيْهِمَا الْحَجُّ.
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: لَا يُجْزِئُ الْعَبْدَ حَجُّهُ إذَا أُعْتِقَ، وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى، وَأَمَّا الْأَعْرَابِيُّ فَيُجْزِئْهُ حَجُّهُ.
وَقَدْ رُوِّينَا أَيْضًا مِثْلَ هَذَا عَنْ الْحَسَنِ، وَعَنْ الزُّهْرِيِّ، وَطَاوُسٍ، وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ التَّابِعِينَ رُوِيَ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَلَا عَنْ الصَّحَابَةِ غَيْرَ مَا أَوْرَدْنَا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَمَنْ أَعْجَبُ شَأْنًا مِمَّنْ يَدَّعِي الْإِجْمَاعَ فِي هَذَا وَلَيْسَ مَعَهُ فِيهِ إلَّا خَمْسَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ، أَحَدُهُمْ مُخْتَلَفٌ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ رُوِّينَا مِثْلَ قَوْلِنَا عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ، وَعَنْ اثْنَيْنِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَهُمْ قَدْ خَالَفُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كُلَّ قَوْلٍ جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَهُمْ يُعَظِّمُونَ مِثْلَ هَذَا إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ فَلَمْ يَجْعَلُوا مَا رُوِيَ عَنْ سِتَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْ التَّابِعِينَ فِي أَنَّ الْعُمْرَةَ فَرْضٌ؛ وَلَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ التَّابِعِينَ إلَّا عَنْ وَاحِدٍ بِاخْتِلَافٍ فَلَمْ يَجْعَلُوهُ إجْمَاعًا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا تَخْلُو رِوَايَةُ عُثْمَانَ بْنِ خَرَّزَاذٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمِنْهَالِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ مِنْ أَنْ تَكُونَ صَحِيحَةً أَوْ غَيْرَ صَحِيحَةٍ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَحِيحَةٍ فَقَدْ كُفِينَا الْمُؤْنَةُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِيهَا -؛ لِأَنَّ رُوَاتَهَا ثِقَاتٌ - فَإِنَّهُ خَبَرٌ مَنْسُوخٌ بِلَا. شَكٍّ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ بِلَا شَكٍّ كَانَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَادَةُ الْحَجِّ عَلَى مَنْ حَجَّ مِنْ الْأَعْرَابِ قَبْلَ هِجْرَتِهِ، وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ نا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ نا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ نا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ نا

الصفحة 16