كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 5)

بِالْجِسْمِ؛ إذْ لَوْ كَانَ تَعَالَى أَرَادَ قُوَّةَ الْجِسْمِ لَمَا احْتَاجَ إلَى ذِكْرِهَا؛ لِأَنَّنَا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا.
وَقَالُوا: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأَنْفُسِ} [النحل: 7] فَصَحَّ أَنَّ الرِّحْلَةَ شِقُّ الْأَنْفُسِ بِالضَّرُورَةِ وَلَا يُكَلِّفُنَا اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] .
وَذَكَرُوا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ فِي اسْتِطَاعَةِ السَّبِيلِ إلَى الْحَجِّ: زَادٌ وَرَاحِلَةٌ.
وَمِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا: زَادٌ، وَبَعِيرٌ: وَمِنْ طَرِيقِ إسْرَائِيلَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] قَالَ: زَادٌ، وَرَاحِلَةٌ.
وَمِنْ طَرِيقِ إسْرَائِيلَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] قَالَ: مِلْءُ بَطْنِهِ، وَرَاحِلَةٌ يَرْكَبُهَا - وَهُوَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ وَأَحَدُ قَوْلَيْ عَطَاءٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَادَّعَوْا فِي هَذَا أَنَّهُ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ لَا يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا أَصْلًا؛ لِأَنَّنَا قَدْ رُوِّينَا عَنْ وَكِيعٍ وَغَيْرِهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ عَنْ

الصفحة 29