كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 5)

وَقَالُوا: قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد نا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا: نا زَيْدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ أَمْ مَرَّةً وَاحِدَةً؟ قَالَ: بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً فَمَا زَادَ فَتَطَوُّعٌ» قَالُوا: فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ لِدُخُولِهَا فِي الْحَجِّ، وَقَالُوا: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} [البقرة: 196] لَا يُوجِبُ كَوْنَهَا فَرْضًا، وَإِنَّمَا يُوجِبُ إتْمَامَهَا عَلَى مَنْ دَخَلَ فِيهَا لَا ابْتِدَاءَهَا؛ لَكِنْ كَمَا تَقُولُ: أَتِمَّ الصَّلَاةَ التَّطَوُّعَ، وَالصَّوْمَ التَّطَوُّعَ.
وَقَالُوا: لَمَّا كَانَتْ الْعُمْرَةُ غَيْرَ مُرْتَبِطَةٍ بِوَقْتٍ وَجَبَ أَنْ لَا تَكُونَ فَرْضًا -: وَرُوِّينَا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ: أَنَّهَا تَطَوُّعٌ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ وَكُلُّهُ بَاطِلٌ، أَمَّا الْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرُوا فَمَكْذُوبَةٌ كُلُّهَا؛ أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَالْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ سَاقِطٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ.
وَالطَّرِيقُ الْأُخْرَى أَسْقَطُ وَأَوْهَنُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ - وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ الْعُمَرِيِّ الصَّغِيرِ - وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي صَالِحٍ مَاهَانَ الْحَنَفِيِّ فَهُوَ مُرْسَلٌ - وَمَاهَانُ هَذَا ضَعِيفٌ كُوفِيٌّ.

الصفحة 6