كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 5)

وعن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه يجزئه لقيام الرق من كل وجه، ولهذا تقبل الكتابة الانفساخ بخلاف أمومية الولد والتدبير لأنهما لا يحتملان الانفساخ فإن أعتق مكاتبا لم يؤد شيئا جاز، خلافا للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، له أنه استحق الحرية بجهة الكتابة، فأشبه المدبر. ولنا أن الرق قائم من كل وجه على ما بينا، ولقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «المكاتب عبد ما بقي عليه درهم» والكتابة لا تنافيه، فإنه فك الحجر بمنزلة الإذن في التجارة، إلا أنه بعوض، فيلزم من جانبه،
ـــــــــــــــــــــــــــــQم: (وعن أبي حنيفة أنه يجزئه) ش: أي أن عتق المكاتب الذي أدى بعض المال يجزئه، رواه الحسن عن أبي حنيفة م: (لقيام الرق من كل وجه) ش: لأن رقه لا ينقض بما أدى من البدل م: (ولهذا) ش: أي ولأجل قيام الرق من كل وجه م: (تقبل الكتابة الانفساخ) ش: سواء كان بعد استيفاء بعض أو قبله م: (بخلاف أمومية الولد والتدبير، لأنهما لا يحتملان الانفساخ) ، ش. فلا يجوز عتقهما عن الكفارة، لأن الكفارة عتق الرقبة وهي اسم اللذات المرقوقة لغة وشرعا، فيقتضي قيام الرق مطلقا، والمطلق يقع على الكامل لا الناقص والاستيلاد والتدبير يمكن النقصان فيهما، فلا يجوز.
م. (فإن أعتق مكاتبا لم يؤد شيئا) ش: يعني من مال الكتابة م: (جاز) ش: عندنا، وبه قال أحمد في رواية م: (خلافا للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) ش: وزفر ومالك وأحمد في رواية م: (له) ش: أي للشافعي م: (أنه) ش: أي أن المكاتب م: (استحق الحرية بجهة الكتابة، فأشبه المدبر) ش: أي على مذهبه، لأن عنده بيع المدبرة، وإعتاقه عن الكتابة جائز، وهذا إلزام من الشافعي على أصحابنا على ما أجابوا، يعني أن المدبر لا يجوز إعتاقه عن الكفارة عندكم، لأنكم قلتم أنه مستحق العتق بجهته، فينبغي أن لا يجوز إعتاق المكاتب أيضا، لأنه مستحق العتق بجهته، وهو باطل، لأنه ينفسخ وذلك لا م: (ولنا أن الرق) ش: أي في المكاتب م: (قائم من كل وجه على ما بينا) ش: أشار به إلى قوله ولهذا تقبل الكتابة الانفساخ م: (ولقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) ش: أي لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - م: «المكاتب عبد ما بقي عليه درهم» ش: هذا الحديث أخرجه أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «المكاتب عبد ما بقي عليه من الكتابة شيء» انتهى.
فعلم أن الرق فيه كامل قبل أداء بدل الكتابة، فيدخل تحت مطلق اسم الرقبة م: (والكتابة لا تنافيه) ش: أي تنافي الرق، يعني لا يلزم من وجود الكتابة ارتفاع الرق لعدم المنافاة م: (فإنه) ش: أي فإن عقد الكتابة , وفي بعض النسخ - من - فإنها أي فإن الكتابة م: (فك الحجر) ش: عن العبد في حق المكاسب م: (بمنزلة الإذن في التجارة) ش: وذا لا يمكن نقصانا في الرق.
فإن قلت لو كانت الكتابة فك الحجر بمنزلة الإذن في التجارة لا يستبد المولى بالفتح كما في عزل المأذون، فأجاب بقوله م: (إلا أنه) ش: أي إن عقد الكتابة م: (بعوض، فيلزم من جانبه) ش: أي من جانب الوالي، بخلاف الإذن، فإنه فك بغير عوض.

الصفحة 547