كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 5)

وقال عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: من شاء باهلته أن سورة النساء القصرى نزلت بعد الآية التي في سورة البقرة،
ـــــــــــــــــــــــــــــQحتى لو حاضت ثلاث حيض ولم يمض أربعة أشهر وعشر لا تنقضي العدة حتى يتم الأربعة ولو تمت الأربعة ولم تخص، لا تنقضي حتى تحيض ثلاث حيض ذكره في " فتاوى قاضي خان ".
م: (وقال عبد الله بن مسعود: من شاء باهلته أن سورة النساء القصرى نزلت بعد الآية التي في سورة البقرة) ش: أورد هذا عن ابن مسعود، إشارة إلى قَوْله تَعَالَى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ} [الطلاق: 4] متأخر عن قَوْله تَعَالَى {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} [البقرة: 228] فيكون ناسخا في ذوات الأحمال، قوله: باهلته من المباهلة، أي الملاعنة من البهل، وهو اللعن، يقال عليه بهلة الله بفتح الباء وضمها، أي لعنة الله، وتباهل القوم وابتهلوا إذا لاعنوا وكانوا يقولون إذا اختلفوا في شيء: بهلت الله على الكاذب منا. قالوا: هي مشروعة في زماننا أيضا. وأراد بسورة النساء القصرى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: 1] وهي بعد سورة التغابن.
وأما سورة النساء الطولى فهي آل عمران، وهي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1] ... إلى آخر السورة. وأراد بالتي في سورة البقرة الآية التي فيها، وهي قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] يعني أن قَوْله تَعَالَى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ} [الطلاق: 4] في سورة النساء القصرى، وهي آخر الآيتين نزولا ناسخة لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] في حق عدة الحامل وقاضية عليه.
وقال الأترازي: وروى أصحابنا في " المبسوط " وغيره عن ابن مسعود أنه قال: من شاء باهلته إلى آخره.
قلت: هذا أخرجه البخاري في تفسير سورة الطلاق، وفي أوائل البقرة عنه، قال: أيجعلون عليها التغليظ ولا يجعلون عليه الرخصة أنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] .
وروي في " السنن" إلى مسروق عن عبد الله بن مسعود قال: من شاء لاعنته لأنزلت سورة النساء القصرى بعد أربعة أشهر وعشر، انتهى.
قلت: هذا أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وأخرجه البزار في مسنده عن علقمة عنه بلفظ: من شاء. وخالفه أن {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] (الطلاق: الآية 4) ، نزلت بعد آية المتوفى، فإذا وضعت المتوفى عنها حملها فقد حلت، وقرأ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234] (البقرة: الآية 234) ، وروى الترمذي مسندا إلى إبراهيم عن الأسود عن أبي السنابل بن بعكك قال: «وضعت سبيعة بعد وفاة زوجها بثلاث وعشرين، أو خمسة وعشرين يوما،

الصفحة 600