كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 5)

وأما المبتوتة فمذهبنا، وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا حداد عليها لأنه وجب إظهارا للتأسف على فوت زوج، وفى بعهدها إلى مماته وقد أوحشها بالإبانة، فلا تأسف بفوته.
ولنا ما روي أن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: نهى المعتدة أن تختضب بالحناء، وقال: الحناء طيب
ـــــــــــــــــــــــــــــQالمهملة، وهو ضرب من العود، وقيل ضرب من الطيب لا واحد له من لفظه. وقيل واحدة ظفر، ويروى من قسط ظفار بدون الألف بوزن قطام، وهو اسم مدينة لحمير باليمن، قوله - نبذة - أي قطعة، وهو بضم النون وسكون الباء الموحدة، والمتوفى عنها زوجها تحد وعليه أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو مذهب أصحابنا وسفيان والثوري ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق سواء كانت حاملا أو غيرها. وقال الشعبي والحسن البصري والحكم بن عتيبة: لا يجب وقالت الظاهرية: فرض عليها الإحداد.
فإن قيل الإحداد التأسف على فوت النعم، وذلك مذموم، قال الله تعالى: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: 23] الحديد الآية 23، فكيف صار واجبا بالخبر معارضا بالكتاب أجيب بأن المراد بقوله تعالى: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} [الحديد: 23] ... الآية، الأسى مع الصباح، والفرح مع الصياح نقل عن ابن مسعود موقوفا ومرفوعا إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
م: (وأما المبتوتة فمذهبنا) ش: وبه قال الشافعي في القديم وأحمد في رواية م: (وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: في الجديد م: (لا حداد عليها) ش: وبه قال مالك وأحمد في رواية.
وفي " المنهاج " يستحب، وفي قول يجب م: (لأنه) ش: أي لأن الإحداد م: (وجب إظهارا للتأسف على فوت زوج، وفي بعهدها إلى مماته) ش: أي وفي تعهد المرأة ما فاتها من حسن العشرة، إلا أن فرق الموت بينهما م: (وقد أوحشها بالإبانة) ش: حيث أساء إليها بالفراق وإيثاره غيرها عليها م: (فلا تأسف بفوته) ش: أي بفوت هذا الزوج.

م: (ولنا ما روي أن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نهى المعتدة أن تختضب بالحناء، وقال: «الحناء طيب» ش ظاهر ما ذكره المصنف يدل على أنه حديث، ذكره السروجي حديثا واحدا لا كما زعم السروجي. وقال مخرج الأحاديث: هذا وهم منه، لأن المصنف استدل بهذا الحديث على أن المبتوتة عليها الإحداد كالمتوفى عنها زوجها، وفيه خلاف الشافعي، فتعين أن يكون الحديث واحدا.
فإن قلت: استدل بعضهم بقول المصنف، ولنا ما روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى قوله، وقال: «الحناء طيب» بحديث أخرجه أبو داود في سننه عن أم حكيم بنت أسيد عن أمها عن مولاة لها «عن أم سلمة، قالت: قال لي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنا في عدتي من وفاة أبي سلمة "لا تمتشطي

الصفحة 618