كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 5)

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} [البقرة: 235] البقرة الآية: (235) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوالتعريض أن يذكر شيئا يدل على شيء لم يذكره، كما يقول المحتاج للمحتاج إليه: جئتك لأسلم عليك، ولأنظر إلى وجهك، قاله الزمخشري. وقال تاج الشريعة: التعريض الكلام دلالة ليس له فيها ذكر، كقولك: ما أقبح البخل تعريض بأنه بخيل، والكناية ذكر الرديف وإرادة المردوف كقولك: فلان طويل النجاد، يعني طويل القامة. كثير الرماد، يعني أنه مضياف. وفي شرح التأويلات أراد بالتعريض للمتوفى عنها زوجها، إذا التعريض لا يجوز في المطلقة بالإجماع، لأنه لا يجوز لها الخروج من مهر لها أصلاَ فلا يتمكن من التعريض على وجه لا يخفى عن الناس.
وأما المتوفى عنها زوجها لها الخروج نهارا فيمكنه التعريض على وجه لا يقف عليه سواها، وأجمعوا على منع الخطبة جواز التعريض في المتوفى عنها زوجها. وفي " المنهاج ": لا تعريض لرجعية، ويحل في عدة الوفاة. وكذا في البائن في الأظهر.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} [البقرة: 235] (البقرة الآية: 235) ش: قَوْله تَعَالَى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 235] أي: لا إثم عليكم أن تعرضوا بخطبة النساء في عدتهن من وفاة أزواجهن من غير تصريح. قَوْله تَعَالَى: {أَوْ أَكْنَنْتُمْ} [البقرة: 235] أي أسررتم في قلوبكم فلم تذكروه بألسنتكم لا معرضين ولا مصرحين، والمستدرك بقوله تعالى: {لَا تُوَاعِدُوهُنَّ} [البقرة: 235] محذوف تقديره علم الله أنكم ستذكرونهن فاذكروهن: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: 235] أي وطأ، لأنه مما يسر.
وقال الحسن والنخعي وقتادة والضحاك ومقاتل بن حيان والسري: يعني الزنا، وهو رواية العوفي عن ابن عباس، واختاره ابن جرير. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: 235] لا تقولوا لها: إني عاشق وعاهديني أن لا تتزوجني غيري، ونحو هذا، قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} [البقرة: 235] وهو أن تعرضوا ولا تصرحوا والاستثناء يتعلق بقوله تعالى: {لَا تُوَاعِدُوهُنَّ} [البقرة: 235] أي لا تواعدوهن مواعدة قط إلا مواعدة معروفة، فسر القول المعروف سعيد بن جبير بما ذكره المصنف على ما يجيء الآن، وكذا فسره مجاهد والثوري والسدي. وقال ابن سيرين: قلت لعبيدة ما معنى قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} [البقرة: 235] ؟ قال: يقول لوليها: لا تسبقني بها، يعني لا تزوجها حتى تعلمني، رواه ابن أبي حاتم.

الصفحة 624