كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 5)

وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث حجة الوداع: «ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» ؛ ولأن النفقة جزاء الاحتباس، فكل من كان محبوسا بحق مقصود لغيره، كانت نفقته عليه، وأصله القاضي والعامل في الصدقات، وهذه الدلائل لا فصل فيها، فتستوي فيها المسلمة، والكافرة. ويعتبر في ذلك حالهما جميعا، قال: وهذا اختيار الخصاف وعليه الفتوى.
ـــــــــــــــــــــــــــــQم: (وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ش: أي قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. م: (في حديث حجة الوداع: «ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» ش: هذا الحديث رواه مسلم عن جابر بن عبد الله، وهو حديث طويل جدًا، وفيه: «فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ... » الحديث أخرجه مسلم في باب حجة الوداع.
م: (ولأن النفقة جزاء الاحتباس) ش: أي احتباس المرأة عند الرجل. م: (فكل من كان محبوسًا بحق مقصود لغيره كانت نفقته عليه) ش: لا يقال يرد على هذا نفقة الرهن، فإنها على الراهن مع أنه محبوس بحق المرتهن، لأنا نقول سلمنا أنه محبوس عند المرتهن ولكن لا نسلم أنه محبوس بحق هو مقصود للمرتهن فحسب. فإنه كما يحصل مقصود المرتهن يحصل مقصود الراهن أيضًا. ألا ترى أنه إذا هلك، هلك الدين الذي على الراهن مضمونًا بأقل من قيمته ومن الدين، لكن على هذا كان ينبغي أن تجب النفقة عليهما جميعًا، إلا أن النفقة لما كانت لبقية الرهن وهو على ملك الراهن، وجبت عليه خاصة كالوديعة يجب نفقتها على صاحب المال.
و: (وأصله) ش: أي أصل من كان محبوسا لمنفعة ترجع إلى غير. م: (القاضي والعامل في الصدقات) ش: لأنهما حبسا أنفسهما لمصالح المسلمين فيجب كفايتهما، وكذلك المفتي والمتولي والوصي والمضارب إذا سافر بمال المضاربة والمقاتلة إذا قاموا بكفاية المسلمين في دفع عدوهم يجب كفايتهم. م: (وهذه الدلائل) ش: أشار به إلى ما ذكره من الكتاب والسنة، وقال الأترازي: أي الآيات الدالة على وجود النفقة والدليل العقلي.. م: (لا فصل فيها) ش: أي لا فرق فيها بل على إطلاقها. م: (فتستوي فيها المسلمة والكافرة) ش: والغنية والفقيرة، والموطوءة وغير الموطوءة، والمنتقلة إلى بيت زوجها وغير المنتقلة. م: (ويعتبر في ذلك حالهما جميعًا) ش: أي حال الزوجين. وهذا لفظ القدوري.
م: (قال) ش: أي المصنف. م: (وهذا اختيار الخصاف وعليه الفتوى) ش: أي على اختيار الخصاف الفتوى. وظاهر الرواية عن أصحابنا اعتبار حال الرجل في اليسار والإعسار دون حال المرأة. وبه صرح محمد في الأصل والحاكم في " الكافي " وصاحب " الشامل " في قسم المبسوط، والإمام الأسبيجابي في " شرح الطحاوي "، وإليه ذهب الكرخي وكثير من مشايخنا المتأخرين، كصاحب " التحفة " وصاحب " النافع " وغيرهم، وهو قول الشافعي.

الصفحة 660