كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 5)

وتفسيره أنهما إذا كانا موسرين تجب نفقة اليسار. وإن كانا معسرين فنفقة الإعسار. وإن كانت المرأة معسرة والزوج موسرا، فنفقتها دون نفقة الموسرات وفوق نفقة المعسرات. وقال الكرخي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يعتبر حال الزوج، وهو قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] (الطلاق: الآية 7) . ووجه الأول قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهند امرأة أبي سفيان: «خذي من مال زوجك ما يكفيك وولدك بالمعروف» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQم: (وتفسيره) ش: أي تفسير قول الخصاف. م: (أنهما) ش: أي أن الزوجين. م: (إذا كانا موسرين تجب نفقة اليسار، وإن كانا معسرين فنفقة الإعسار) ش: أي تجب نفقة الإعسار. م: (وإن كانت المرأة معسرة والزوج موسرًا) ش: أي وكان الزوج موسرا. م: (فنفقتها دون نفقة الموسرات وفوق نفقة المعسرات) ش: وفي " الذخيرة ": بيانه: إذا كان الزوج موسرًا بفرط اليسار نحو أن يأكل الحلوى واللحم المشوي والباحات، والمرأة فقيرة كانت تأكل في بيتها خبز الشعير، لا يؤخذ الزوج بأن يطعمها ما يأكل بنفقته، ولا ما كانت المرأة تأكل في بيتها، ولكن يطعمها فيما بين ذلك، ويطعمها خبز البر، وباحة وباحتين، فهذا معنى اعتبار حالهما.
وأما إذا كان الزوج معسرًا والمرأة موسرة، لم يذكر المصنف هذا القسم، قال الأترازي: لا أدري كيف ذهب عنه، ولا بد من ذكره، فقال الخصاف في كتابه: يفرض له نفقة صالحة، يعني وسطا، فيقال له: تكلف إلى أن تطعمها خبز البر وباحة وباحتين، كي لا يلحقها الضرر.
وقال الأترازي: هذا التكليف تكليف ما ليس في الوسع، فلا يجوز. قال الإمام السرخسي: لم يذكر صاحب الكتاب أنه يؤاكلها؛ يعني الخصاف لم يذكره في كتاب النفقات، ثم قال: ولكن مشايخنا قالوا المستحب له أن يؤاكلها لأنه مأمور بحسن العشرة معها، وزاد في أن يؤاكلها ليكون نفقتها ونفقته سواء.
م: (وقال الكرخي: يعتبر حال الزوج، وهو قول الشافعي؛ لقوله عز وجل: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] (الطلاق: الآية 7)) ش: وهو ظاهر الرواية، وقال الله تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق: 7] (الطلاق: الآية 7) بين أن التكليف بحسب الوسع وأن النفقة على حسب حاله.
ولما زوجت نفسها من معسر، فقد رضيت بنفقة المعسرين، فلا يستوجب على الزوج إلا بحسب الزوج وحاله.
م: (ووجه الأول) ش: أي وجه اعتبار حالهما وهو اختيار الخصاف. م: (قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ش: أي «قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. م: (لهند امرأة أبي سفيان: خذي من مال زوجك ما يكفيك وولدك بالمعروف) » ش: هذا الحديث أخرجه الجماعة غير الترمذي عن هشام عن عروة عن أبيه عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «أن هندًا أم معاوية قالت: "يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه، وهو لا يعلم، فقال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» .

الصفحة 661