كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 5)

ومعنى قوله: "بالمعروف": الوسط، وهو الواجب، وبه يتبين أنه لا معنى للتقدير كما ذهب إليه الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه على الموسر مدان، وعلى المعسر مد، وعلى المتوسط مد ونصف مد؛
ـــــــــــــــــــــــــــــQعلى غير أنه إذا عجز عن الكفاية لا يكلف في الحال بل الزيادة على الكفاية في ذلك الوقت يكون دينا عليه، والعمل بالنص أولى من ترك أحدهما.
م: (ومعنى قوله «بالمعروف» الوسط) ش: أي قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «بالمعروف في قوله لهند امرأة أبي سفيان: "خذي من مال زوجك ما يكفيك وولدك بالمعروف» ، وكذا في قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} [البقرة: 233] (البقرة: الآية 233) الآية الوسطى. م: (وهو الواجب) ش: أي الوسط هو الواجب، وفي " المبسوط ": يجب على القاضي اعتبار الكفاية بالمعروف فيما فرض في كل وقت وزمان.
فكما يفرض لهما قدر الكفاية من الطعام، فكذلك من الإدام لأن الخبز لا يتناول عادة إلا مأدومًا، وجاء في تأويل قوله عز وجل: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] (المائدة: الآية 89) ، أنه أعلى ما يطعم الرجل امرأته الخبز واللحم وأوسطه الخبز والزيت وأدناه الخبز واللبن، وأما الدهن يُستغنى عنه خصوصًا في زيادة الحر فهو من أهول الحوائج كالخبز.
م: (وبه) ش: أي وبالمعروف المذكور في القرآن والحديث. م: (يتبين أنه لا معنى للتقدير) ش: أي في تقدير النفقة. م: (كما ذهب إليه) ش: أي إلى التقدير. م: (الشافعي أنه) ش: أي التقدير. م: (على الموسر مدان، وعلى المعسر مد، وعلى المتوسط مد ونصف مد) ش: المد بالضم وتشديد الدال رطل وثلث بالعراقي عند الشافعي وأهل الحجاز، ورطلان عند أبي حنيفة وأهل العراق، وقيل: إن أصل المد مقدر بأن يمد الرجل يديه فيملأ كفيه طعامًا.
وقال الماوردي في " الحاوي " ما ملخصه: إن الأصل في اعتبار الحب في النفقة الكفارات؛ لأنه طعام يقصد به في الحرمة ويستقر في الذمة وفي النكاح عليه تمليكها حبًا، وعليه طحنه وخبزه في الأصح، ويجوز الاعتياض في الأصح إلا دقيقا وخبزا على المذهب، ولو أكلت معه سقطت نفقتها في الأصح وفي " المغني ": إيجاب الحب تحكم، فإن الشرع ورد بالإنفاق مطلقا من غير قيد ولا تقدير، فيجب أن يرد إلى العرف والعادة وذلك في الطعام دون الحب.
وما بلغنا عن أحد السلف أنه أطعم زوجته حبًا ولا حكم بذلك الحاكم، وقد تركوا قوله في جميع البلاد الإسلامية على تقدير مد ... على الأكابر.
وعن مالك: يفرض بمد تمر وإن كان كل يوم.
وهو مد وثلث بمد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال ابن حبيب: أخذه هشام بن إسماعيل بغرض نفقة الزوجات ما استحسنه مالك، وهو ظاهر خلاف مذهبه، ومذهبنا ما ذكره علماؤنا، فقال في مختصر شرح

الصفحة 663