كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 5)

وجابر وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ولا نفقة للمتوفى عنها زوجها، لأن احتباسها ليس لحق الزوج، بل لحق الشرع، فإن التربص عبادة منها. ألا ترى أن معنى التعرف عن براءة الرحم ليس بمراعى فيه حتى لا يشترط فيها الحيض، فلا تجب نفقتها عليه، ولأن النفقة تجب شيئا فشيئا، ولا ملك له بعد الموت، فلا يمكن إيجابها في ملك الورثة.
وكل فرقة جاءت من قبل المرأة بمعصية مثل الردة وتقبيل ابن الزوج، فلا نفقة لها، لأنها صارت حابسة نفسها بغير حق، فصارت كما إذا كانت ناشزة.
ـــــــــــــــــــــــــــــQأسامة بن زيد، وقد أنكر ذلك مثل ما أنكره عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. م: (وجابر وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -) ش: أي رواه أيضًا جابر بن عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، ورواه الدارقطني في "سننه " عن حرب بن أبي العالية عن أبي الزبير عن جابر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة» (وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -) ش: أي روته عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -، وأخرجه مسلم عن عبد الرحمن بن قاسم، عن أبيه، «عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -، أنها قالت: ما لفاطمة أن نذكرها، يعني في قوله: "لا سكنى ولا نفقة» ، وفي لفظ البخاري: قالت: «ما لفاطمة لا تتقي الله في قولها لا سكنى ولا نفقة» .
م: (ولا نفقة للمتوفى عنها زوجها، لأن احتباسها ليس لحق الزوج بل لحق الشرع) ش: وبه قال أحمد والشافعي في قول، وهو قول ابن عباس والحكم بن عتيبة وعطاء وابن سيرين وعبد الملك بن يعلى، قاضي البصرة، والحسن البصري وعامر بن شعيب، وفي قول آخر للشافعي: إذا كان للميت مال كثير ينفق عليها من نصيبها، وإن كان قليلًا ينفق عليها من جميع المال، وفي وجوب السكنى له قولان. أحدهما: لا يجب، كقولنا - وهو اختيار المزني - والثاني: يجب، وبه قال مالك. م: (فإن التربص) ش: المذكور في القرآن. م: (عبادة منها) ش: أي من المرأة التي توفي عنها زوجها.
م: (ألا ترى أن معنى التعرف عن براءة الحرم ليس بمراعى فيه، حتى لا يشترط فيها) ش: أي في عدتها. م: (الحيض، فلا تجب نفقتها عليه، ولأن النفقة تجب شيئًا فشيئًا ولا ملك له بعد الموت، فلا يمكن إيجابها في ملك الورثة) ش: قال الطحاوي في " مختصره ": ولا سكنى للمتوفى عنها زوجها، ولا نفقة في مال الزوج حاملًا كانت أو غير حامل. وقال أبو بكر الرازي: قد كانت نفقتها واجبة في مال الميت بقوله: {وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} [البقرة: 240] فنسخت هذه النفقة بالميراث، وبقوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} [البقرة: 228] (البقرة: الآية 228) ، فأوجب نفقتها على نفسها من مال الزوج.

م: (وكل فرقة جاءت من قبل المرأة بمعصية مثل الردة وتقبيل ابن الزوج، فلا نفقة لها، لأنها صارت حابسة نفسها بغير حق، فصارت كما إذا كانت ناشزة) ش: إنما قيد بالنفقة احترازًا عن السكنى، لأن السكنى واجب لها، لأن القرار في البيت مستحق عليها، فلا يسقط ذلك بمعصيتها، فأما النفقة فواجبة لها، فيسقط ذلك بمجيء الفرقة من قبلها بمعصية. وقال في " المبسوط ": نفقة المرتدة لا

الصفحة 691