كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 5)

لأن المعنى يشملهما. والنفقة لكل ذي رحم محرم إذا كان صغيرا فقيرا، أو كانت امرأة بالغة فقيرة، أو كان ذكرا بالغا فقيرا زمنا، أو أعمى، لأن الصلة في القرابة القريبة واجبة دون البعيدة، والفاصل أن يكون ذا رحم محرم. وقد قال الله تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] (البقرة: 233) ، وفي قراءة عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (وعلى الوارث ذي الرحم المحرم مثل ذلك) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوالإناث {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] (النساء: الآية11) ، على قياس الميراث وعلى قياس نفقة ذوي الأرحام. م: (لأن المعنى يشملهما) ش: المعنى هو الولادة، وهو سبب الوجوب، وقد استوى الذكر والأنثى، بخلاف ما إذا كان للمعسر أخ وأخت، حيث يجب نفقته عليهما أثلاثًا؛ لأن سبب الوجوب الإرث، فيجب أثلاثًا كالإرث.
م: (والنفقة) ش: أي النفقة واجبة. م: (لكل ذي رحم محرم) ش: وقال أحمد: تجب لكل وارث. وبه قال ابن أبي ليلى، وقال الشافعي: لا تجب نفقة غير الوالدين والمولودين من الأقارب، كالإخوة والأعمام وذوي الرحم المحرم، وهو الذي لا يجوز نكاحه على التأبيد، وإنما قيد بذي الرحم المحرم، لأنه إذا وجد الرحم ولم يوجد المحرم، أوجد المحرم ولم يوجد الرحم، أو وجد لكن لا من قرابة، لا تجب النفقة. ألا ترى إلى ما ذكر الإمام الأسبيجاني في " شرح الطحاوي " بقوله: ولو كان رحمًا غير محرم نحو ابن العم أو محرمًا غير رحم نحو الأخ من الرضاع أو الأخت من الرضاع، أو رحما محرما لا من قرابة نحو ابن عم، هو الأخ من الرضاع لا تجب النفقة.
م: (إذا كان) ش: أي ذو رحم محرم. م: (صغير فقيرًا) ش: قيد بالصغر والفقر لأن الصغير الفقير عاجز عن الكسب، والغني تجب نفقته في ماله. م: (أو كانت امرأة بالغة فقيرة أو كان) ش: أي ذو رحم محرم. م: (ذكرًا بالغًا فقيرًا أو زمنًا أو أعمى) ش: فقيرًا تجب النفقة لهم لعجزهم عن الكسب، وكذلك مفقود العينين، وأشل اليدين، ومقطوع الرجلين، والمعتوه، والمفلوج. م: (لأن الصلة في القرابة القريبة واجبة دون البعيدة) ش: أي لا يجب في القرابة البعيدة.
م: (والفاصل) ش: أي بين القريبة والبعيدة. م: (أن يكون ذا رحم محرم) ش: والدليل عليه هو ما أشار إليه بقوله. م: (وقد قال الله تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] (البقرة: الآية233)) ش: فإن ذلك إشارة إلى البعيدة، فيكون إشارة إلى أول الآية، وهو قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} [البقرة: 233] (البقرة: الآية 233) ، قيد على أن على الوارث النفقة، وبعيدة ذي الرحم المحرم بقراءة عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أشار إليه بقوله. م: (وفي قراءة عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وعلى الوارث ذي الرحم المحرم مثل ذلك) ش: ولا شك أن قراءته كانت مسموعة من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقراءته مشهورة، فصارت بمنزلة خبر مشهور على ما عرف، فجاز

الصفحة 704