كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 5)

فَإِنْ مَاتَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَخْذُ مَالِهِ وَإِيصَالُهُ إلَى وَرَثَتِهِ إنْ كَانَ ثِقَةً وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثِقَةً لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَخْذُ وَإِنْ جَازَ لَهُ وَلَا يَضْمَنُهُ فِي الْحَالَيْنِ
وَالْحَاكِمُ يَحْبِسُ الْآبِقَ إذَا وَجَدَهُ انْتِظَارًا لِسَيِّدِهِ، فَإِنْ أَبْطَأَ سَيِّدُهُ بَاعَهُ الْحَاكِمُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ، فَإِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الثَّمَنِ، وَإِنْ سَرَقَ الْآبِقُ قُطِعَ كَغَيْرِهِ، وَلَوْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْجَارٍ وَلَا جِعَالَةٍ فَدَفَعَ إلَيْهِ مَالًا عَلَى ظَنِّ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَحِلَّ لِلْعَامِلِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُ أَوَّلًا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَذْلُ ثُمَّ الْمَقْبُولُ هِبَةٌ لَوْ أَرَادَ الدَّافِعُ أَنْ يَهَبَهُ مِنْهُ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَذْلُ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ هَدِيَّةً حَلَّ، وَلَوْ أُكْرِهَ مُسْتَحَقٌّ عَلَى عَدَمِ مُبَاشَرَةِ وَظِيفَتِهِ اسْتَحَقَّ الْمَعْلُومَ كَمَا أَفْتَى بِهِ التَّاجُ الْفَزَارِيّ، وَاعْتِرَاضُ الزَّرْكَشِيّ لَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ مَا شُرِطَ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَسْتَحِقُّ حِينَئِذٍ يُرَدُّ بِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى شَرْعًا وَعُرْفًا مِنْ تَنَاوُلِ الشَّرْطِ لَهُ لِعُذْرِهِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ مُدَرِّسٍ يَحْضُرُ مَوْضِعَ الدَّرْسِ وَلَا يَحْضُرُ أَحَدٌ مِنْ الطَّلَبَةِ أَوْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ لَا يَحْضُرُونَ بَلْ يَظْهَرُ الْجَزْمُ بِالِاسْتِحْقَاقِ هُنَا لِأَنَّ الْمُكْرَهَ يُمْكِنُهُ الِاسْتِنَابَةُ فَيَحْصُلُ غَرَضُ الْوَاقِفِ بِخِلَافِ الْمُدَرِّسِ فِيمَا ذُكِرَ.
نَعَمْ إنْ أَمْكَنَهُ إعْلَامُ النَّاظِرِ بِهِمْ وَعَلِمَ أَنَّهُ يُجْبِرُهُمْ عَلَى الْحُضُورِ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدْ أَفَادَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ ذَلِكَ أَيْضًا بَلْ جَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ أَوْ الْمُدَرِّسَ لَوْ حَضَرَ وَلَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ اسْتَحَقَّ لِأَنَّ قَصْدَ الْمُصَلِّي وَالْمُعَلِّمِ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الِانْتِصَابُ لِذَلِكَ وَأَفْتَى أَيْضًا فِيمَنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ قَطْعَهُ عَنْ وَظِيفَتِهِ إنْ غَابَ فَغَابَ لِعُذْرٍ كَخَوْفِ طَرِيقٍ بِعَدَمِ سُقُوطِ حَقِّهِ بِغِيبَتِهِ.
قَالَ وَلِذَلِكَ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُ وَإِنْ جَازَ لَهُ) يُتَأَمَّلُ فِيهِ فَإِنْ تَرَكَهُ يُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِهِ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ حَيْثُ خَافَ ضَيَاعَهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا لَكِنْ لَا تَثْبُتُ يَدُهُ عَلَيْهِ بَلْ يَنْتَزِعُهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ فَالْقِيَاسُ هُنَا كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَالْحَاكِمُ يَحْبِسُ الْآبِقَ) أَيْ وُجُوبًا لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَإِذَا احْتَاجَ لِنَفَقَةٍ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَجَّانًا قِيَاسًا عَلَى اللَّقِيطِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ اقْتَرَضَ عَلَى الْمَالِكِ ثُمَّ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ قَرْضًا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أُكْرِهَ مُسْتَحَقٌّ) وَفِي مَعْنَى الْإِكْرَاهِ فَيَسْتَحِقُّ أَيْضًا الْمَعْلُومُ مَا لَوْ عُزِلَ عَنْ وَظِيفَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقُرِّرَ فِيهَا غَيْرُهُ إذْ لَا يَنْفُذُ عَزْلُهُ.
نَعَمْ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا فَيَنْبَغِي تَوَقُّفُ اسْتِحْقَاقِ الْمَعْلُومِ عَلَيْهَا اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَيُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ شُيُوخِ الْعُرْبَانِ شُرِطَ لَهُمْ طِينُ مَرْصَدٍ عَلَى غَفْرِ مَحِلٍّ مُعَيَّنٍ وَفِيهِمْ كَفَاءَةٌ لِذَلِكَ وَقُوَّةٌ وَبِيَدِهِمْ تَقْرِيرٌ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّقْرِيرِ كَالْبَاشَا وَتَصَرَّفُوا فِي الطِّينِ الْمُرْصَدِ مُدَّةً ثُمَّ إنَّ مُلْتَزِمَ الْبَلَدِ أَخْرَجَ الْمَشْيَخَةَ عَنْهُمْ ظُلْمًا وَدَفَعَهَا لِغَيْرِهِمْ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ مِثْلَهُمْ فِي الْكَفَاءَةِ بِالْقِيَامِ بِذَلِكَ بَلْ أَوْ أَكْفَأَ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْمَذْكُورِينَ حَيْثُ صَحَّ تَقْرِيرُهُمْ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ ذَلِكَ عَنْهُمْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَحْضُرُ أَحَدٌ مِنْ الطَّلَبَةِ) أَيْ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُقَرَّرِينَ فِي وَظِيفَةِ الطَّلَبِ لِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ إحْيَاءُ الْمَحِلِّ وَهُوَ حَاصِلٌ بِحُضُورِ غَيْرِ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ، قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ، وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يُقْرَأَ فِي مَدْرَسَتِهِ كِتَابٌ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَجِدْ الْمُدَرِّسَ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لِسَمَاعِ ذَلِكَ الْكِتَابِ وَالِانْتِفَاعِ مِنْهُ قَرَأَ غَيْرَهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ شَرْطُ الْوَاقِفِ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ وَفُعِلَ مَا يُمْكِنُ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَا يَقْصِدُ تَعْطِيلَ وَقْفِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الِانْتِصَابُ) هَذَا قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ الْمَعْلُومَ مَشْرُوطٌ بِحُضُورِهِ وَالْمُتَّجِهُ خِلَافُهُ فِي الْمُدَرِّسِ بِخِلَافِ الْإِمَامِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ حُضُورَ الْإِمَامِ بِدُونِ الْمُقْتَدِينَ يَحْصُلُ بِهِ إحْيَاءُ الْبُقْعَةِ بِالصَّلَاةِ فِيهَا، وَلَا كَذَلِكَ الْمُدَرِّسُ فَإِنَّ حُضُورَهُ بِدُونِ مُتَعَلِّمٍ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَحُضُورُهُ يُعَدُّ عَبَثًا (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى أَيْضًا) أَيْ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ (قَوْلُهُ: سُقُوطُ حَقِّهِ بِغِيبَتِهِ) أَيْ وَإِنْ طَالَتْ مَا دَامَ الْعُذْرُ قَائِمًا، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّهُ حَيْثُ اسْتَنَابَ أَوْ عَجَزَ عَنْ الِاسْتِنَابَةِ.
أَمَّا لَوْ غَابَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الصفحة 480