كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 5)
أَوْ يَشْتَرِكَ وَجِيهٌ لَا مَالَ لَهُ وَخَامِلٌ لَهُ مَالٌ لِيَكُونَ الْمَالُ مِنْ هَذَا وَالْعَمَلُ مِنْ هَذَا مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمٍ لِلْمَالِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَالْكُلُّ بَاطِلٌ إذْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مَالٌ مُشْتَرَكٌ فَكُلُّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فَهُوَ لَهُ عَلَيْهِ خُسْرُهُ وَلَهُ رِبْحُهُ وَالثَّالِثُ قِرَاضٌ فَاسِدٌ لِاسْتِبْدَادِ الْمَالِكِ بِالْيَدِ (وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ بَاطِلَةٌ) لِمَا ذَكَرْنَاهُ
(وَ) رَابِعُهَا (شَرِكَةُ الْعِنَانِ) وَسَيُعْلَمُ أَنَّهَا اشْتِرَاكٌ فِي مَالٍ لِيَتَّجِرَا فِيهِ، وَهِيَ (صَحِيحَةٌ) بِالْإِجْمَاعِ وَلِسَلَامَتِهَا مِنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْغَرَرِ مِنْ عَنَانِ الدَّابَّةِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّصَرُّفِ وَغَيْرِهِ كَاسْتِوَاءِ طَرَفَيْ الْعِنَانِ أَوْ لِمَنْعِ كُلٍّ الْآخَرَ مِمَّا يُرِيدُ كَمَنْعِ الْعِنَانِ لِلدَّابَّةِ، أَوْ مِنْ عَنَّ ظَهَرَ لِظُهُورِهَا بِالْإِجْمَاعِ عَلَيْهَا، أَوْ مِنْ عِنَانِ السَّمَاءِ: أَيْ مَا ظَهَرَ مِنْهَا فَهِيَ عَلَى غَيْرِ الْأَخِيرِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَعَلَيْهِ بِفَتْحِهَا.
وَلَهَا خَمْسَةُ أَرْكَانٍ عَاقِدَانِ وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَعَمَلٌ وَصِيغَةٌ. وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا بِالْأَخِيرِ مُعَبِّرًا عَنْهَا بِالشَّرْطِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ فَقَالَ (وَيُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظٌ) صَرِيحٌ مِنْ كُلٍّ لِلْآخَرِ (يَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ) لِلْمُتَصَرِّفِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (فِي التَّصَرُّفِ) أَيْ التِّجَارَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، أَوْ كِنَايَةٌ تُشْعِرُ بِذَلِكَ لِمَا مَرَّ آنِفًا أَنَّهَا مُشْعِرَةٌ لَا دَالَّةٌ إلَّا بِتَجَوُّزٍ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يَشْمَلُهَا كَلَامُهُ، وَكَاللَّفْظِ وَالْكِتَابَةِ وَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ، فَلَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ تَصَرَّفَ الْمَأْذُونُ فِي الْكُلِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى أَنَّك تَبِيعُ هَذَا وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مَا ذُكِرَ لَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ سم مِنْ أَنَّهُ جَعَالَةٌ لِأَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي هَذِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَلَكَ الْوَجِيهُ لَهُ رِبْحَهُ وَعَلَيْهِ خُسْرُهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهِ لِمَا يَجِبُ لِلْعَامِلِ، فَيُحْمَلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّيُّ مِنْ أَنَّهُ جَعَالَةٌ، وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ وَالثَّالِثُ) أَيْ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ الثَّالِثِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ يَشْتَرِكُ وَجِيهٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَاسِدٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَحِينَئِذٍ يَسْتَحِقُّ الْوَجِيهُ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَامِلِ عَلَى الَّذِي هُوَ رَبُّ الْمَالِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فِي مُقَابَلَةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ بِإِذْنِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ حِصَّةً مِنْ الرِّبْحِ فَدَخَلَ طَامِعًا فِيهِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ إذْ هُوَ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ وَجَبَتْ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَالْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ فِي نَحْوِ هَذِهِ الصُّورَةِ.
قَالَ الْقَمُولِيُّ: وَلَوْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ إلَّا كَلِمَةٌ لَا تَعَبَ فِيهَا كَلَفْظِ بِعْت لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ مَعْلُومٌ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِاسْتِبْدَادِ) أَيْ اسْتِقْلَالِ (قَوْلِهِ بِالْيَدِ) أَيْ وَلِذَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمٍ لِلْمَالِكِ.
لَكِنْ قَدْ يَحْصُلُ الْفَسَادُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَكَوْنِ الْمَالِ غَيْرَ نَقْدٍ فَلَا يُتَوَقَّفُ الْفَسَادُ حِينَئِذٍ عَلَى عَدَمِ تَسْلِيمِ الْمَالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ بَاطِلَةٌ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ فِيهَا مَالٌ وَسُلِّمَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ مِنْ أَنَّ فِيهَا غَرَرًا وَجَهْلًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَهُ
(قَوْلُهُ فِي مَالِ) أَيْ مِثْلِيٍّ أَوْ مُتَقَوِّمٍ عَلَى مَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: فَهِيَ عَلَى غَيْرِ الْأَخِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ الْأَخِيرِ، وَقَوْلُهُ بِفَتْحِهَا: أَيْ لَا غَيْرُ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ قَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ عَنَّ إذَا ظَهَرَ إلَخْ: أَيْ لِأَنَّ جَوَازَهَا ظَاهِرٌ بَارِزٌ. وَقِيلَ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ وَهُوَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا.
وَقِيلَ مِنْ عَنَانِ الدَّابَّةِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: فَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ تَكُونُ الْعَيْنُ مَفْتُوحَةً، وَعَلَى الْأَخِيرِ تَكُونُ مَكْسُورَةً عَلَى الْمَشْهُورِ انْتَهَى. وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِنَاءً عَلَى الْأَخْذِ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ، فَإِنَّ صَرِيحَ الشَّارِحِ أَنَّهَا بِالْكَسْرِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهَا بِالْفَتْحِ
(قَوْلُهُ: وَعَمَلٌ) اُسْتُشْكِلَ عَدُّ الْعَمَلِ مِنْ الْأَرْكَانِ مَعَ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْعَقْدِ وَإِنْ وُجِدَ فَلْيَكُنْ بَعْدَهُ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْعَمَلَ الَّذِي يَقَعُ بَعْدَ الْعَقْدِ هُوَ مُبَاشَرَةُ الْفِعْلِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَاَلَّذِي اُعْتُبِرَ رُكْنًا هُوَ تَصَوُّرُ الْعَمَلِ وَذِكْرُهُ فِي الْعَقْدِ عَلَى وَجْهٍ يُعْلَمُ مِنْهُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ مُعَبِّرًا عَنْهَا) أَيْ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلٍّ لِلْآخَرِ) هُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْأَصْلُ، وَأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَشْمَلُ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ
(قَوْلُهُ: تُشْعِرُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ: لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ، لَكِنْ قَوْلُهُ إلَّا بِتَجَوُّزٍ ظَاهِرٍ فِي أَنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ عَلَى وَجْهِ الْكِنَايَةِ لَا يَكُونُ حَقِيقَتَهُ، وَقَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ ثُمَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصفحة 5
486