كتاب شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (اسم الجزء: 5)

قوله زيت زيتون بأنه لو اشترى زيتونًا على أن على ربه عصره لم يجز وهو كذلك اهـ.
ولا يقال مسألة المصنف كذلك فلا فرق بين ما أجيز وما منع لأنا نقول مسألة المصنف وقع الشراء على الزيت فقط ولذا كان الثفل فيها للبائع والممنوعة وقع على الزيتون بزيته معًا على أن على البائع عصره (و) جاز بيع (دقيق حنطة) قبل طحنها كآخذ منك من دقيق هذا القمح صاعًا أو كل صاع بكذا إن لم يختلف إلا أن يخير كما في المدونة في الجعل فلو قدمه على الشرط والاستثناء لينطبقا عليه أيضًا كان أولى وما في تت مما يوهم ضعف الشرط هنا غير ظاهر وكان تبع ما فيها في محل آخر ففيها ولا يجوز شراء سمسم وزيتون وحب فجل بعينه على أن على البائع عصره أو زرع قائم على أن عليه حصده ودرسه وكأنه ابتاع ما يخرج من ذلك كله وذلك مجهول وأما إن ابتعت منه ثوبًا على أن يخيطه لك أو نعلين على أن يحرزهما فلا بأس به وإن ابتعت قمحًا على أن يطحنه لك فاستخفه مالك بعد أن كرهه وكأنه يرى أن القمح قد عرف وجه ما يخرج منه وجلّ قوله في ذلك التخفيف والاستحسان لا القياس اهـ.
ومن الممتنع أيضًا شراء الغزل على أن ينسجه له (و) جاز بيع (صاع) فأكثر من صبرة معلومة الصيعان أو مجهولتها والمشتري عدد آصع منها (أو كل صاع) أي جاز كل صاع بكذا (من صبرة) والمشتري جميعها سواء علم قدر ما بها من الصيعان أو جهل كما أشار له بقوله (وإن جهلت) وكذا ذراع أو كل ذراع من ثوب (لا منها) أو من ثوب أو شقة أو شمعة لزفاف مثلًا (وأريد) في جميع ذلك من المشتري والبائع أو من أحدهما (البعض) فلا يجوز لجهل الثمن حالًا ومالًا ومثل ذلك ما إذا لم يرد بمن شيئًا فإنه يمنع كما يفيده ابن عرفة خلاف ما يفيده المصنف فإن أريد بمن بيان الجنس أي التعميم لا الجنس
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(أو كل صاع من صبرة) المعقود عليه هنا مجهول الجملة معلوم التفصيل عكس عبدي رجلين بكذا (لا منها وأريد البعض) قول ز لجهل الثمن حالًا ومآلا الصواب إسقاط قوله ومآلًا وقول ز ومثل ذلك ما إذا لم يرد بمن شيئًا فإنه يمنع كما يفيده ابن عرفة الخ قال في ضيح عن ابن عبد السلام إذ قال أبيعك من هذه الصبرة حساب كل عشرة أقفزة بدينار ولم يبين ما باعه منها فقال القاضي أبو محمد ما علمت فيها نصًّا وقال بعض المعاصرين لبيع فاسد وهو قول أصحاب الشافعي القاضي ويحتمل أن تكون من زائدة فيحصل على ذلك وهو أولى من حمله على الفساد اهـ.
فلعل المصنف اختار ما اختاره القاضي من الجواز في هذه فلذا قيد المنع بإرادة البعض وإن كان الفاكهاني اعترض ما قاله القاضي ونصه وما قاله أي القاضي غير صحيح ولا موافق لقواعد العربية فإن من هنا للتبعيض ولا بد فإن معيار التي للتبعيض عند النحاة صحة تقديرها ببعض كقوله أكلت من الرغيف ونحو ذلك ولا ريب في صحة تقدير ذلك في مسألتنا هذه وأيضًا فإن مذهب سيبويه أن من لا تزاد عنده في الإيجاب والكلام هنا موجب أعني ليس بنفي ولا بمعنى النفي كالاستفهام ونحوه فلا يصح أن تكون صلة اهـ.

الصفحة 47