كتاب تفسير القاسمي = محاسن التأويل (اسم الجزء: 5)

روى الإمام أحمد «1» عن جابر قال: لما مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالحجر قال: «لا تسألوا الآيات، فقد سألها قوم صالح، فكانت- يعني الناقة- ترد من هذا الفج، وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم، فعقروها، وكانت تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما فعقروها، فأخذتهم صيحة أحمد الله من تحت أديم السماء منهم، إلا رجلا واحدا كان في حرم الله فقالوا: من هو يا رسول الله؟ قال أبو رغال.
فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه» . قال ابن كثير: وهذا الحديث ليس في شيء من الكتب الستة، وهو على شرط مسلم.
وروى عبد الرزاق عن معمر: أخبرني إسماعيل بن أمية أن النبيّ صلى الله عليه وسلّم مرّ بقبر أبي رغال فقال: أتدرون من هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: هذا قبر أبي رغال، رجل من ثمود، كان في حرم الله، فمنعه حرم الله عذاب الله فلما خرج أصابه ما أصاب قومه، فدفن هاهنا، ودفن معه غصن من ذهب، فنزل القوم، فابتدروه بأسيافهم، فبحثوا عنه، فاستخرجوا الغصن.
وأبو رغال هو أبو ثقيف الذين كانوا يسكنون الطائف، كما روي مرفوعا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم- أخرجه أبو داود وغيره «2» .
الرابع- ذكرنا قبل أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرّ على ديار ثمود المعروفة الآن بمدائن صالح، وهو ذاهب إلى غزوة تبوك، سنة تسع، وأمر أصحابه أن يدخلوا خاشعين وجلين أن يصيبهم ما أصاب أهلها، ونهاهم أن يشربوا من مائها.
فروى الإمام أحمد «3» عن ابن عمر قال: نزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالناس عام تبوك، نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود، فاستسقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود، فعجنوا منها، ونصبوا القدور باللحم. فأمرهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأهراقوا القدور، وعلفوا العجين الإبل، ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذّبوا، وقال: إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم، فلا تدخلوا عليهم.
وروى أحمد «4» والبخاري «5» ومسلم «6» عن ابن عمر قال: لما مرّ رسول الله
__________
(1) أخرجه في المسند 3/ 296.
(2) أخرجه أبو داود في: الخراج والإمارة والفيء، 41- باب نبش القبور، حديث رقم 3088.
(3) أخرجه في المسند 2/ 117. والحديث رقم 5984.
(4) أخرجه في المسند 2/ 137. والحديث رقم 6211.
(5) أخرجه البخاري في: المغازي، 80- باب نزول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الحجر، حديث رقم 284.
(6) أخرجه مسلم في: الزهد والرقائق، حديث 38 و 39.

الصفحة 136