كتاب تفسير القاسمي = محاسن التأويل (اسم الجزء: 5)

تنبيه:
قال الجشمي: تدل الآيات على أن القوم أتوا بما في وسعهم من التمويه، وكان الزمان زمان سحر، والغالب عليهم الاشتغال به، فأتى موسى عليه السلام من جنس ما هم فيه، ما لم يقدر عليه أحد، ليعلموا أنه معجز وليس بسحر. وهكذا ينبغي في المعجزات أن تكون من جنس ما هو شائع في القوم، ويتعذر عليهم مثله. وكان الطب هو الغالب في زمن عيسى، فجاء بإحياء الميت، وإبراء الأكمه والأبرص، وليس في وسع طبيب. وكان الغالب في زمن نبيّنا عليه السلام الفصاحة والخطب والشعر، فجاء القرآن وتحداهم به. وتدل على أنهم بالحيل جعلوا الحبال والعصيّ متحركة حتى أوهموا أنها أحياء. ولكن لما وقف على أصل ما فعلوه وعلم، وكان مثله مقدورا لكل من يتعاطى صناعتهم، علم أنه شعبذة. ولهذا تتفارق المعجزة والشعبذة. أنه يوقف على أصلها، ويمكن إتيان مثلها، ويخفى أمرها، بخلاف المعجزة.
ثم قال: وتدل على اعتراف فرعون بالذل والضعف، حيث استغاث بهم وبمهنتهم لدفع مكروه. انتهى.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (7) : آية 117]
وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (117)
وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ أي تبتلع ما يَأْفِكُونَ أي ما يلقونه ويوهمون أنه حق، وهو باطل.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (7) : آية 118]
فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (118)
فَوَقَعَ الْحَقُّ أي ثبت الإعجاز وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ أي من السحر لإبطال الإعجاز.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (7) : آية 119]
فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ (119)
فَغُلِبُوا هُنالِكَ أي في مكان الوعد الذي اجتمع فيه أهل مصر بدعوته، لظنه

الصفحة 166