كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 5)

الكفارة، حتى لو رمى إلى صف الكفار سهماً في الجهاد، ولم يعلم أن فيهم مسلماً، فأصاب مورثه المسلم - فلا دية عليه، [وعليه الكفارة]، ويحرم الميراث.
أما المقتول قد يرث القاتل بأن خرج مورثه؛ فإن مات المجروح من تلك الجراحة - لا يرثه الجارح؛ وإن مات الجارح أو لا يرثه المجروح.
أما القتل المباح فلا يحرم الميراث على ظاهر المذهب، وهو أن يقتل مورثه قصاصاً، أو كان قاضياً فقتل مورثه في حد، أو قطع يده بسرقة، أو جلدة في حد، فمات منه، سواء ثبت القتل عليه بإقراره، أو - ببينة قامت عليه.
وقيل: الكل يمنع الميراث؛ لظاهر الخبر.
وإن كان قتلاً، لا يجوز قصده؛ مثل إن قتل الصائل على نفسه، أو على ماله في الدفع؛ فالدفع مباح لا القتل، وهل يحرم الميراث؟ فيه قولان:
أشبههما بظاهر الحديث حرمان الميراث، وكذلك العادل مع الباغي إذا قتل أحدهما صاحبه في حال القتال: ففيه أقاويل:
أشبهها بالحديث حرمان الميراث.
والثاني: [لا يتوارثان] وبه قال أبو حنيفة؛ لأنها متأولان.
والثالث: يرث العادل؛ لأنه محق، ولا يرث الباغي، وعند أبي حنيفة: قتل الصبي والمجنون، والقتل بالتسبب لا يوجب حرمان الميراث، والحديث حجة عليه، ولأنه قتل مضمون، فيتعلق به حرمان الميراث؛ كالبالغ يقتل مباشرة.
ويعني بعمى الموت: أن المتوارثين إذا عمى موتهما؛ بأن انهدم عليهما [بناء] أو غرقا في ماء، أو [غابا فماتا]، فلم يدر أيهما سبق موته - لا يرث أحدهما من صاحبه، بل ميراث كل واحد منهما لورثته الأحياء، سواء احتمل موتهما معاً، أو تيقن سبق أحدهما، ولم يعرف السابق.
بيانه: أب وابن عمى موتهما، ولكل واحد منهما بنت، يجعل كأن الأب مات عن بنت، وبنت ابن؛ فللبنت النصف، ولبنت الابن السدس، ويجعل كأن الابن مات عن بنت وأخت؛ فللبنت النصف، والباقي للأخت، وإن عرف سبق موت أحدهما، ثم اشتبه - يوقف الميراث على الصحيح من المذهب.

الصفحة 16