كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 5)

وإن تراخت مشيئة أحديهما عن مجلس التواجب فلا يقع الطلاق على الأخرى كما لو لم تشأ واحدةٌ منهما.
ولو ابتدأت المرأتان فقالتا: طلقنا على ألفٍ، فطلقهما في مجلس التواجب [طُلقتا]، وفي صحة المسمى قولان كما ذكرنا بخلاف ما لو قالت واحدةٌ منهما: طلقني وضرتي على ألأف فطلقها يجب المسمى على القائلة قولاً واحداً لأن الملتزمة للمال واحدة.
فإن طلق أحديهما في إحدى الصورتين يقع عليها الطلاق بائناً.
وفيما عليها؟ قولاً:
أصحهما: عليها مهرُ مثلها.
والثاني: عليها حصتها من المسمى بعد التوزيع على مهر المثل.
ولو ارتدت أحداهما قبل القبول، ثم قبلتا وكان قبل الدخول، أو كان بعد الدخول ولم تُسلم حتى انقضت العدة - وقع الطلاق على المسلمة- دون المرتدة، كما لو قبلت أحداهما.
فصل
ولو قالت المرأة لزوجها: خُذ هذه الألف على أن تطلقني بعد شهر - لا يصح؛ لأن [السلم] في الطلاق يجوز فإن أخذ الألف وطلقها بعد شهر، نظر إن كان عالماً بفساده وطلقها مبتدئاً وقع الطلاق رجعياً، وإن كان جاهلاً وطلقها على ذلك العوض - وقع بائناً وعليها مهر المثل.
وكذلك لو قالت على أن تطلقني إلى شهر متى شئت، فطلقها قبل الشهر، إلا أن ههنا إذا طلقها بعد الشهر يقع رجعياً، ولا يستحق شيئاً؛ لأن شرطها إلى الشهر.
ولو قالت: طلقني على هذه الألف إلى رأس الشهر، على معنى أنها تعود زوجة بعد شهر فطلقها - وقع بائناً، وعليها مهر المثل للشرط الفاسد.
ولو قالت: علق طلاقي برأس الشهر، أو بصفة أخرى على ألفٍ، فقال لها الزوج: إذا جاء رأس الشهر فأنت طالقٌ، أو قال: إن دخلت الدار فأنت طالقٌ- فعلى قولين: أحدهما: يصح، وعليها الألف في الحال، وإذا جاء رأس الشهر، أو وُجدت الصفة وقع الطلاق بائناً؛ لأنه لما جاز أخذ العوض على تنجيز الطلاق، جاز على تعليقه.
والثاني: ذكره الربيع: أن العوض يفسد؛ لأن فيه معنى المعاوضة، فلا يصح تعليقها، ويقع الطلاق عند وجود الصفة بائناً، وعليها مهر المثل.
قال الشيخ: وكذلك لو قالت إذا جاء رأس الشهر وطلقتني، فلك عليَّ ألفٌ، فيه وجهان:

الصفحة 572