كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (اسم الجزء: 5)
والله لا يقتل اليوم رجل من وراء النَّهْرِ، ثُمَّ نَزَلُوا فَقَالُوا لِعَلِيٍّ: قَدْ نَزَلُوا، قَالَ: وَاللَّهِ لا يُقْتَلُ الْيَوْمَ رَجُلٌ مِنْ وَرَاءِ النَّهْرِ، فَأَعَادُوا عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ ثَلاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُمْ عَلِيٌّ مِثْلَ قَوْلِهِ الأَوَّلِ، قَالَ: فَقَالَتِ الْحَرُورِيَّةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: يَرَى عَلِيٌّ أَنَّا نَخَافُهُ، فَأَجَازُوا، فَقَالَ عَلِيٌّ لأَصْحَابِهِ: لا تُحَرِّكُوهُمْ حَتَّى يُحْدِثُوا حَدَثًا، فَذَهَبُوا إِلَى مَنْزِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ وَكَانَ مِنْزُلُهُ عَلَى شَطِّ النَّهْرِ فَأَخْرَجُوهُ مِنْ مَنْزِلِهِ، فَقَالُوا: حَدِّثْنَا بِحَدِيثٍ حَدَّثَكَهُ أَبُوكَ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فيها خير من القائم، والقائم فيها خير مِنَ السَّاعِي» ، فَقَدَّمُوهُ إِلَى الْمَاءِ فَذَبَحُوهُ كَمَا تُذْبَحُ الشَّاةُ، فَسَالَ دَمُهُ فِي الْمَاءِ مِثْلَ الشراك ما امذقرّ. 58/ أقال الْحَكَمُ: فَسَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ: مَا امْذَقَرَّ؟ / قَالَ: مَا اخْتَلَطَ. قَالَ: وَأَخْرَجُوا أُمَّ وَلَدِهِ فَشَقُّوا عَمَّا فِي بَطْنِهَا، فَأُخْبِرَ عَلِيٌّ بِمَا صَنَعُوا، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، نَادُوهُمْ أَخْرِجُوا لَنَا قَاتِلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، قَالُوا: كُلُّنَا قَتَلَهُ، فَنَادَاهُمْ ثَلاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُونَ هَذَا الْقَوْلَ.
فَقَالَ عَلِيٌّ لأَصْحَابِهِ: دُونَكَمُ الْقَوْمُ، قَالَ: فَمَا لَبِثُوا أَنْ قَتَلُوهُمْ، فقَالَ عَلِيٌّ: اطْلُبُوا فِي الْقَوْمِ رَجُلا يَدُهُ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ، فَطَلَبُوهُ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا: مَا وَجَدْنَا، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلا كُذِبْتُ، وَإِنَّهُ لَفِي الْقَوْمِ. ثَلاثَ مَرَّاتٍ يَجِيئُونَهُ فَيَقُولُ لَهُمْ هَذَا الْقَوْلَ. ثُمَّ قَامَ هُوَ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَ لا يَمُرُّ بِقَتْلَى جَمِيعًا إِلا بَحَثَهُمْ فَلا يَجِدُهُ فِيهِمْ حَتَّى انْتَهَى إِلَى حُفْرَةٍ مِنَ الأَرْضِ فِيهَا قَتْلَى كَثِيرٌ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَبَحَثُوا فَوُجِدَ فِيهِمْ، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: لَوْلا أَنْ تَنْتَظِرُوا لأَخْبَرْتُكُمْ بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ تعالى لِمَنْ قَتَلَ هَؤُلاءِ.
302- عَبْد اللَّهِ بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن حبيب بن خزيمة [1] :
أسلم قديما.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، قَالَ: أخبرنا الجوهري، قال: أخبرنا ابن حيوية، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الفهم، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ قَدِيمًا، وَكَانَ يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، فربما أملى
__________
[1] طبقات ابن سعد 7/ 2/ 190.
الصفحة 144