كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (اسم الجزء: 5)
الْخُرُوجُ، قَالُوا: كَيْفَ نَسْتَقِلُّ وَلَيْسَ مَعَنَا مَالٌ نُجَهِّزُ بِهِ النَّاسَ؟ فَقَالَ يَعْلَي بْنُ أُمَيَّةَ: معي ستمائة ألف وستمائة بَعِيرٍ فَارْكَبُوهَا، فَقَالَ ابْنُ عَامِرٍ: مَعِي كَذَا وَكَذَا فَتَجَهَّزُوا بِهَا.
فَنَادَى الْمُنَادِي: إِنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ شَاخِصُونَ إِلَى الْبَصْرَةِ [1] ، فَمَنْ كَانَ يُرِيدُ إِعْزَازَ الإِسْلامِ وَقِتَالَ الْمُحِلِّينَ وَالطَّلَبَ بِثَأْرِ عُثْمَانَ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَرْكَبٌ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ جِهَازٌ فَهَذَا جِهَازٌ وَهَذِهِ نَفَقَةٌ، فحملوا ستمائة رجل على ستمائة نَاقَةٍ سِوَى مَنْ كَانَ لَهُ مَرْكَبٌ- وَكَانُوا جَمِيعًا أَلْفًا- وَتَجَهَّزُوا بِالْمَالِ، وَنَادَوْا بِالرَّحِيلِ، وَاسْتَقَلُّوا ذَاهِبِينَ.
وَأَرَادَتْ حَفْصَةُ الْخُرُوجَ، فَأَتَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَطَلَبَ إِلَيْهَا أَنْ تَقْعُدَ فَقَعَدَتْ، وَبَعَثَتْ إِلَى عَائِشَةَ تَقُولُ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْخُرُوجِ، فَقَالَتْ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِعَبْدِ اللَّهِ.
وَخَرَجَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ [2] ، وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ مَعَهُمْ مُرَحَّلَةٌ مِنْ مَكَّةَ، فَقَالَ سَعِيدٌ لِلْمُغِيرَةِ: مَا الرَّأْيُ؟ قَالَ: الرَأْيُ وَاللَّهِ الاعْتِزَالُ، فَإِنَّهُمْ مَا [يَفْلَحُ أَمْرُهُمْ، فَإِنْ] [3] أَظْفَرَهُ اللَّهُ أَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا: كَانَ صَغْوُنَا [4] مَعَكَ، فَجَلَسَا.
وأَخْبَرَنَا سَيْفٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ [5] ، عَنِ الأَغَرِّ، قَالَ [6] : لَمَّا اجْتَمَعَ إِلَى مَكَّةَ بَنُو أُمَيَّةَ وَيَعْلَى/ بْنُ أُمَيَّةَ، وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، ائْتَمَرُوا أمرهم، واجتمع ملؤهم على الطلب 30/ ب بِدَمِ عُثْمَانَ وَقِتَالِ السَّبَئِيَّةِ حَتَّى يَثْأَرُوا، وَأَمَرَتْهُمْ عَائِشَةُ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَى الْبَصْرَةِ وَرَدُّوهَا عَنْ رَأْيِهَا، وَأَمَّرَتْ عَلَى الصَّلاةِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ، فَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ.
وَحَدَّثَنَا سَيْفٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، [عَنِ] ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ [7] ، قَالَ: سمعت
__________
[1] في الأصول: «شاخصين إلى البصرة» .
[2] تاريخ الطبري 4/ 452.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] صغونا: ميلنا.
[5] في الأصول: «عن مخلد بن قيس» . والتصحيح من الطبري.
[6] الخبر في تاريخ الطبري 4/ 453.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من الطبري، وفي ت: «عن عبد الرحمن بن أبي مليكة» .
الصفحة 81