كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (اسم الجزء: 5)

وَمَا الَّذِي أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ؟ قَالَ: أَمَرْتُكَ يَوْمَ أُحِيطَ بِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَدِينَةِ فَيُقْتَلُ وَلَسْتَ بِهَا، ثُمَّ أَمَرْتُكَ يَوْمَ قُتِلَ أَلا تُبَايِعَ حَتَّى يَأْتِيَكَ وُفُودُ الْعَرَبِ وَبَيْعَةُ كُلِّ مِصْرٍ، ثُمَّ أَمَرْتُكَ حِينَ فَعَلَ هَذَانِ الرَّجُلانِ مَا فَعَلا أَنْ تَجْلِسَ فِي بَيْتِكَ حَتَّى يَصْطَلِحُوا، فَإِنْ كَانَ الْفَسَادُ كَانَ عَلَى يَدَيْ غَيْرِكَ، فَعَصَيْتَنِي فِي ذَلِكَ/ كله، فقال: أي بني [أما 31/ أقولك: لو خرجت من المدينة حين أحيط بعثمان، فو الله لَقَدْ أُحِيطَ بِنَا كَمَا أُحِيطَ بِهِ] [1] .
وَأَمَّا قولك: لا تبايع حتى تأتي بَيْعَةَ الأَمْصَارِ، فَإِنَّ الأَمْرَ أَمْرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَرِهْنَا أَنْ يَضِيعَ هَذَا الأَمْرُ. أَمَّا قَوْلُكَ: حِينَ خَرَجَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ وَهَنًا عَلَى أَهْلِ الإِسْلامِ، وَلا وَاللَّهِ مَا زِلْتُ مَقْهُورًا مُذْ وُلِّيتَ، مَنْقُوصًا لا أَصْلَ إِلَى شَيْءٍ مِمَّا يَنْبَغِي. وَأَمَّا قَوْلُكَ:
اجْلِسْ فِي بَيْتِكَ، فَكَيْفَ لِي بِمَا قَدْ لَزِمَنِي، وَإِذَا لَمْ أَنْظُرْ فِيمَا قَدْ لَزِمَنِي مِنْ هَذَا الأَمْرِ فَمَنْ يَنْظُرُ فِيهِ. فَكُفَّ يَا بُنَيَّ. وحَدَّثَنَا سَيْفٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قِيلَ لِعَلِيٍّ بِالرَّبَذَةِ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا فِكْرَتُكَ فِي هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ الْبَصْرَةَ لَفِي يَدَيْكَ، وَإِنَّ الْكُوفَةَ لَفِي يَدَيْكَ، فَقَالَ: وَيْحُكُمْ ابْتُلِيتُ بِثَلاثَةٍ مَا رُمِيَ بِمِثْلِهِمْ أَحَدٌ قَطُّ، ابْتُلِيتُ بِفَتَى الْعَرَبِ وَأَجْوَدِهِمْ طَلْحَةَ، وَبِفَارِسِ الْعَرَبِ وَأَحْرَبِهِمُ الزُّبَيْرِ، وَبِأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَطْوَعِ النَّاسِ فِي النَّاسِ.
[دخولهم البصرة والحرب بينهم وبين عثمان بن حنيف] [2]
وَحَدَّثَنَا سَيْفٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ، قَالا [3] : لَمَّا كَانَ النَّاسُ بِفِنَاءِ الْبَصْرَةِ لَقِيَهُمْ عُمَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ، فَقَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْشُدُكِ اللَّهَ أَنْ تَقْدَمِي الْيَوْمَ عَلَى قَوْمٍ لَمْ تُرَاسِلِي مِنْهُمْ أَحَدًا، [فَأَرْسَلَتِ ابْنَ عَامِرٍ] [4] وَكَتَبَتْ إِلَى رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَإِلَى الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، فَدَعَا عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ وَأَلَزَّهُ بِأَبِي [5] الأَسْوَدِ
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، وأوردناه من الطبري.
[2] العنوان غير موجود بالأصول.
[3] الخبر في تاريخ الطبري 4/ 461.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] ألزه: ألصقه.

الصفحة 83