كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (اسم الجزء: 5)

يبيتوا بمثلها للعافية من الذي أشرفوا عليه، [والنزوع عما اشتهى الذين اشتهوا، وركبوا ما ركبوا] [1] ، وبات الذين أثاروا أمر عثمان بشر ليلة [باتوها قط] ، قد أشرفوا على الهلكة، وجعلوا يتشاورون ليلتهم كلها، حتى اجتمعوا على إنشاب الحرب [فِي السر] [2] ، واستسروا بذلك خشية أن يفطن لهم، فغدوا مع الغلس [3] ، وما يشعر بهم [أحد غير] جيرانهم، فخرج مضريهم إلى مضريهم، [وربعيهم إلى ربعيهم] [4] ، ويمانيهم إلى يمانيهم، حتى وضعوا فيهم السلاح، فثار أهل البصرة، وثار كل قوم فِي وجوه أصحابهم الذين بهتوهم [5] ، وخرج الزبير وطَلْحَة فبعثا إلى الميمنة عَبْد الرَّحْمَنِ بن الحارث بن هشام، وإلى الميسرة عَبْد الرَّحْمَنِ بن عتاب بن أسيد، وثبتا فِي القلب، وقالا: ما هذا؟
قالوا: طرقنا أهل الكوفة ليلا، فقالا: قد علمنا أن عليا غير منته حتى يسفك الدماء، [ويستحل الحرمة] [6] ، وإنه لن يطاوعنا، ثم رجعا بأهل البصرة.
فسمع علي وأهل الكوفة الصوت، وقد وضعوا رجلا قريبا من علي ليخبره بما يريدون، فلما قَالَ: ما هذا؟ قَالَ ذلك الرجل: ما فاجئنا إلا وقوم منهم قد بيتونا، فرددناهم من حيث جاءوا، فوجدنا القوم على رجل فركبونا، وثار الناس، وقَالَ علي لصاحب ميمنته: ائت الميمنة، ولصاحب ميسرته ائت الميسرة، ولقد علمت أن طَلْحَة والزبير غير منتهيين حتى يسفكا الدماء، ونادى علي فِي الناس: كفوا، فكان رأيهم جميعا ألا يقتتلوا حتى يبدءوا. وأقبل كعب بن سعد حتى أتى عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فقال: أدركي، فقد أبى 33/ ب القوم إلا القتال، لعل/ الله يصلح بك. فركبت، وألبسوا هودجها الأدراع، ثم بعثوا جملها، فلما برزت- وكانت بحيث تسمع الغوغاء- وقفت، فقالت: ما هذا؟ قالوا:
ضجة العسكر، قالت: بخير أم بشر؟ قالوا: بشر. قالت: وأي الفريقين كانت منهم هذه
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من الطبري.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في الأصول: «فغذوا من الغلس» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من الطبري.
[5] أي: كذبوهم. وفي الأصل: «نهنهوهم» ، وفي أ: «نهلوهم» . وما أوردناه من الطبري.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من الطبري.

الصفحة 88