كتاب تاريخ بغداد وذيوله ط العلمية (اسم الجزء: 5)

شكى ما به من هوى منصب ... إِلَى إلفه الأوصب الأنصب
فباتا يخدان حرّ الخدو ... د بفِيض دموعهما السكب
ويعتنقان وقلباهما ... عَلَى مثل جمر الغضا الملهب
إِلَى أن بدا فِي الدجى ساطع ... من الصبح يسطو عَلَى الغيهب
فيا حسنها ليلة لو تم ... دّ طوَال الدهور فلم تذهب
وهل ترجعن بلذاتها ... عَلَى حال أمن من الرقب
أيا طَالِب العلم لا تمهل ... نّ وعذ بالمبرّد أو ثعلب
تجد عند هذين علم الورى ... فلا تك كالجمل الأجرب
علوم الخلائق مقرونة ... بهذين فِي الشرق وَالمغرب
قلت: كَانَ بين أَبُوي الْعَبَّاس ثعلب وَالمبرد منافرات كثيرة، وَالناس مختلفون فِي تفضيل كل واحد منهما عَلَى صاحبه.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الحسين صاحب الْعَبَّاسي، أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدّل، حدثنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ، أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن عَلِيّ- بوقة- قَالَ: كنت عند أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بْن يَحْيَى ثعلب إذ جاءه إنسان جاهل فَقَالَ: يا أبا الْعَبَّاس قد هجاك المبرد. فَقَالَ: بماذا؟ فأنشده:
أقسم بالمبتسم العذب ... ومشتكي الصب إِلَى الصب
لو كتب النحو عَنِ الرب ... ما زاده إلا عمى القلب
قَالَ: فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: أنشدني من أنشده أَبُو عمرو بْن العلاء:
شاتمني عَبْد بني مِسْمَعٍ ... فصنت عنه النفس وَالعرضا
ولم أجبه لاحتقاري له ... ومن يعض الكلب إن عضا؟
حَدَّثَنِي أَبُو طاهر أَحْمَد بْن نجا بْن عَبْد الصمد البزاز قَالَ: سمعت أبا أَحْمَد الفرضي يقول: سمعت أبا مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْن الخراساني المعدل يقول: قَالَ لي أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن طاهر قَالَ لي أَبِي:
حضرت مجلس أخي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن طاهر، وحضره أبو العباس أحمد بن يحيى، وأبو العباس محمد بن يزيد المبرد النّحويّان، فقال لي أخي محمّد بن عَبْد اللَّهِ:
قد حضر هذان الشيخان، وأَنَا أحب أن أعرف أيهما أعلم، أو نحو هذا من الكلام.

الصفحة 417