كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 5)

@ 2 @
فبلغ ذلك طاهرا فراسلهم ووعدهم واستمالهم وأغرى أصاغرهم بأكابرهم فشغبوا على الامين في ذي الحجة فصعب الأمر عليه فأشار عليه أصحابه باستمالتهم والاحسان اليهم فلم يفعل وأمر بقتالهم جماعة من المستأمنة والمحدثين فقاتلوهم وراسلهم طاهر وراسلوه وأخذ رهانئهم على بذل الطاعة وأعطاهم الاموال ثم تقدم فصار الى موضع البستان الذي على باب الانبار في ذي الحجة فنزل بقواده وأصحابه ونزل من استأمن إليه من جند الأمين في البستان والأرباض وأضعف للقواد وأبنائهم والخواص العطاء ونقب أهل السجون السجون وخرجوا منها وفتن الناس وساءت حالهم ووثب الشطار على أهل الصلاح ولم يتغير بعسكر طاهر حال لتفقد حالهم وأخذه على أيدي السفهاء وغادي القتال ورواحه حتى تواكل الفريقان وخربت الديار
وحج بالناس هذه السنة العبلس بن موسى بن عيسى بن موسى ودعا للمأمون بالخلافة وهو أول موسم دعي له فيه بالخلافة بمكة والمدينة
$ ذكر الفتنة بافريقية مع أهل طرابلس $
في هذه السنة ثار أبو عصام ومن وافقه إبراهيم بن الأغلب افريقية فحاربهم إبراهيم فظفر بهم وفيها استعمل ابن الاغلب ابنه عبد الله على طرابلس الغرب فلما قدم اليها ثار عليه الجند فحصروه في داره ثم اصطلحوا على أن يخرج عنهم فخرج عنهم فلم يبعد عن البلد حتى اجتمع إليه كثير من الناس ووضع العطاء فأتاه البربر من كل ناحية وكان يعطي الفارس كل يوم أربعة دراهم ويعطي الراجل في اليوم درهمين فاجتمع له عدد كثير فزحف بهم إلى طرابلس فخرج اليه الجند فاقتتلوا فانهزم جند طرابلس ودخل عبد الله المدينة وأمن الناس وقام بها ثم عزله أبوه واستعمل بعده سفيان بن المضاء فثارت هوارة بطرابلس فخرج الجند اليهم والتقوا واقتتلوا فهزم الجند إلى المدينة فتبعهم هوارة فخرج الجند هاربين إلى الأمير إبراهيم بن الأغلب ودخلوا المدينة فهدموا أسوارها وبلغ ذلك إبراهيم بن الأغلب فسير إليه ابنه أبا العباس عبد الله في ثلاثة عشر ألف فارس فاقتتل هو والبربر فانهزم البربر وقتل كثيرا منهم ودخل طرابلس وبنى سورها
وبلغ خبر هزيمة البربر إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم وجمع البربر وحرضهم وأقبل بهم إلى طرابلس وهم جمع عظيم عصبا للبربر ونصرة لهم فنزلوا على طرابلس وحصروها
فسد أبو العباس عبد الله بن إبراهيم باب زناتة وكان يقاتل نت باب هوارة ولم يزل كذلك إلى أن توفي أبوه إبراهيم بن الأغلب وعهد بالامارة لولده عبد الله فأخذ أخوه زياد الله بن إبراهيم له العهود على الجند وسير الكتاب إلى أخيه عبد الله يخبره بموت أبيه وبالامارة له فأخذ البربر الرسول والكتاب ودفعوه إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم فأمر بأن ينادي عبد الله بن إبراهيم بموت أبيه فصالحهم على أن يكون البلد والبحر لعبد الله وما كان خارجا من ذلك يكون لعبد الوهاب
وسار عبد الله إلى القيروان فلقيه الناس وتسلم الأمر وكانت أيامه أيام سكون ودعة كر ولاية ابنه عبد الرحمن $
لما مات الحكم بن هشام قام بالملك بعده ابنه عبد الرحمن ويكنى أبا المطرف واسم أمه حلاوة وكان بكر والده بطليطلة أيام كان أبوه الحكم يتولاها لأبيه هشام ولد لسبعة اشهر وجد ذلك بخط أبيه
وكان جسيما وسيما حسن الوجه
فلما ولي خرج عليه عم أبيه عبد الله البلنسي وطمع بموت الحكم وخرج من بلنسية يريد قرطبة فتجهز له عبد الرحمن فلما بلغ ذلك عبد الله خاف وضعفت نفسه فرجع إلى بلنسية ثم مات في اثناء ذلك سريعا ووقى الله ذلك الطرف شره
فلما مات نقل عبد الرحمن أولاده وأهله إليه بقرطبة وخلصت الإمارة بالأندلس لولد هشام بن عبد الرحمن
$ ذكر عدة حوادث $
وفيها عزل الحسن بن موسى الأشيب عن قضاء الموصل فانحدر إلى بغداد وتولى

الصفحة 2