@ 404 @
فقال الأمين للرسول إرجع إليه وقل له لا يبرح فإني خارج إليه الساعة لا محالة ولست أقيم إلى غد وقلق وقال قد تفرق عني الناس من الموالي والحرس وغيرهم ولا آمن إن انتهى الخبر إلى طاهر أن يدخل علي فيأخذني ثم دعا بابنيه فضمهما إليه وقبلهما وبكى وقال استودعكما الله عز وجل ودمعت عيناه فمسح دموعه بكمه ثم جاء راكبا إلى الشط فإذا حراقة هرثمة فصعد إليها
فذكر أحمد بن سلام صاحب المظالم قال كنت مع هرثمة في الحراقة فلما دخلها الأمين قمنا له وجثى هرثمة على ركبتيه واعتذر إليه من نقرس به ثم احتضنه وضمه إليه وجعله في حجره وجعل يقبل يديه ورجليه وعينيه وأمر هرثمة الحراقة أن تدفع إذ شد علينا أصحاب طاهر في الزواريق وعطعطوا ونقبوا الحراقة ورموهم بالآجر والنشاب فدخل الماء إلى الحراقة فغرقت وسقط هرثمة إلى الماء وسقطنا فتعلق الملاح بشعر هرثمة فأخرجه
وأما الأمين فانه لما سقط إلى الماء شق ثيابه وخرج إلى الشط فأخذني رجل من أصحاب طاهر وأتى بي رجلا من أصحاب طاهر وأعلمه اني من الذين خرجوا من الحراقة فسألني من أنا فقلت أنا أحمد بن سلام صاحب المظالم مولى أمير المؤمنين قال كذبت فأصدقني قلت قد صدقتك قال فما فعل المخلوع قلت رأيته وقد شق ثيابه فركب وأخذني معه أعدو وفي عنقي حبل فعجزت عن العدو فأمر بضرب عنقي فاشتريت نفسي منه بعشرة آلاف درهم فتركني في بيت حتى يقبض المال وفي البيت بواري وحصر مدرجة ووسادتان فلما ذهب من الليل ساعة واذ قد فتحوا الباب وأدخلوا الأمين وهو عريان وعليه سراويل وعمامة وعلى كتفه خرقة خلقة فتركوه معي فاسترجعت وبكيت فيما بيني وبين نفسي فسألني عن اسمي فعرفته فقال ضمني اليك فاني أجد وحشة شديدة قال فضممته إلى واذا قلبه يخفق خفقانا شديدا فقال يا أحمد ما فعل أخي قلت حي هو قال قبح الله بريدهم كان يقول قد مات شبه المعتذر من محاربته فقلت بل قبح الله وزراءك فقال ما تراهم يصنعون بي أيقتلونني أم يفوا لي بأمانهم فقلت بل يفون لك وجعل يضم الخرقة على كتفه فنزعت مبطنة كانت علي وقلت ألق هذه عليك فقال دعني فهذا من الله عز وجل في مثل هذا الموضع خير كثير فبينما نحن