كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 5)

@ 413 @
البلاد وملك سميساط واجتمع عليه خلق كثير من الأعراب وأهل الطمع وقويت نفسه وعبر الفرات إلى الجانب الشرقي وحدثته نفسه بالتغلب عليه فلما رأى الناس ذلك منه كثرت جموعه وزادت عما كانت وكان من أمره ما نذكره إن شاء الله تعالى ( شبث ) بفتح الشين المعجمة والباء الموحدة والثاء المثلثة
$ ذكر ولاية الحسن بن سهل العراق وغيره من البلاد $
وفي هذه السنة استعمل المأمون الحسن بن سهل أخا الفضل على كل ما كان افتتحه طاهر من كور الجبال والعراق وفارس والأهواز والحجاز واليمن بعد أن قتل الأمين وكتب إلى طاهر بتسليم ذلك إليه فقدم الحسن بين يديه علي بن أبي طاهر سعيد فدافعه طاهر بتسليم الخراج إليه حتى وفى الجند أرزاقهم وسلم إليه العمل وقدم الحسن سنة تسع وتسعين وفرق العمال وأمر طاهرا أن يسير إلى الرقة لمحاربة نصر بن سيار بن شبث العقيلي وولاه الموصل والجزيرة والشام والمغرب فسار طاهر إلى قتال نصر بن سيار بن شبث وأرسل إليه يدعوه إلى الطاعة وترك الخلاف فلم يجبه إلى ذلك فتقدم إليه طاهر والتقوا بنواحي كيسوم واقتتلوا شديدا أبلى فيه نصر بلاء عظيما وكان الظفر له وعاد طاهر شبه المهزوم إلى الرقة وكان قصارى أمر طاهر حفظ تلك النواحي وكتب المأمون إلى هرثمة يأمره بالمسير إلى خراسان وحج بالناس العباس بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد
$ ذكر وقعة الربض بقرطبة $
في هذه السنة كانت بقرطبة الوقعة المعروفة بالربض وسببها أن الحكم بن هشام الأموي صاحبها كان مثير التشاغل باللهو والصيد والشرب وغير ذلك مما يجانسه وكان قد قتل جماعة من أعيان قرطبة فكرهه أهلها وصاروا يتعرضون لجنده بالأذى والسب إلى أن بلغ الأمر بالغوغاء أنهم كانوا ينادون عند انقضاء الأذان الصلاة يا مخمور الصلاة
وشافهه بعضهم بالقول وصفقوا عليه بالأكف فشرع في تحصين قرطبة وعمارة أسوارها وحفر خنادقها وارتبط الخيل على بابه واستكثر المماليك ورتب جمعا لا يفارقون باب قصره بالسلاح فزاد ذلك في حقد أهل قرطبة وتيقنوا أنه بفعل ذلك للانتقام منهم ثم وضع عليهم عشر الأطعمة كل سنة من غير خرص فكرهوا ذلك ثم عمد إلى عشرة من رؤساء سفهائها فقتلهم وصلبهم فهاج لذلك أهل
@ 413 @
الربض وانضاف إلى ذلك أن مملوكا له سلم سيفا إلى صيقل ليصقله فمطله
فأخذ المملوك السيف فلم يزل يضرب الصيقل به إلى قتله وذلك في رمضان من هذه السنة فكان أول من شهر السلاح أهل الرب واجتمع أهل الأرباض جميعهم بالسلاح واجتمع الجند والأمويون والعبيد بالقصر وفرق الحكم الخيل والأسلحة وجعل أصحابه كتائب ووقع القتال بين الطائفتين فغلبهم أهل الربض وأحاطوا بقصره فنزل الحكم من أعلى القصر ولبس سلاحه وركب وحرض الناس فقاتلوا بين يديه قتالا شديدا ثم أمر ابن عمه عبيد الله فثلم في السور ثلمة وخرج منها ومعه قطعة من الجيش وأتى أهل الربض من وراء ظهورهم ولم يعلموا بهم فأضرموا النار في الربض وانهزم أهله وقتلوا مقتلة عظيمة وأخرجوا من وجدوا في المنازل والدور فأسروهم فانتقى من الأسرى ثلاثمائة من وجوههم فقتلهم وصلبهم منكسين وأقام النهب والقتل والحريق والخراب في أرباض قرطبة ثلاثة إلى
ثم استشار الحكم عبد الكريم بن عبد الواحد بن عبد المغيث ولم يكن عنده من يوازيه في قربه فأشار عليه بالصفح عنهم والعفو وأشار غيره بالقتل فقبل قوله وأمر فنودي بالأمان على أنه من بقي من أهل الربض بعد ثلاثة إلى قتلناه وصلبناه فخرج من بقي بعد ذلك مستخفيا وتحملوا على الصعب والذلول خارجين من حضرة قرطبة بنسائهم وأولادهم وما خف من أموالهم وقعد لهم الجند والفسقة بالمراصد ينهبون ومن امتنع عليهم قتلوه فلما انقضت الأيام الثلاثة أمر الحكم بكف الأيدي عن حرم الناس وجمعهن إلى مكان وأمر بهدم الربض القبلي
وكان بزيع مولى أمية ابن الأمير عبد الرحمن بن معاوية بن هشام محبوسا في حبس الدم بقرطبة في رجليه قيد ثقيل فلما رأى أهل قرطبة قد غلبوا الجند سأل الحرس أن يفرجوا له فأخذوا عليه العهود إن سلم أن يعود إليهم وأطلقوه فخرج فقاتل قتالا شديدا لم يكن في الجيش مثله فلما انهزم أهل الربض عاد إلى السجن فانتهى خبره إلى الحكم فأطلقه وأحسن إليه وقد ذكر بعضهم هذه الوقعة سنة اثنتين ومائتين
$ ذكر الوقعة بالموصل المعروفة بالميدان $
وفيها كانت الوقعة المعروفة بالميدان بالموصل بين اليمانية والنزارية وكان

الصفحة 413