كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 5)

@ 460 @
فان في تفريطك في ذلك ما يفسد عليك حسن ظنك واعتزم على أمرك في ذلك بالسنن المعروفة وجانب البدع والشبهات يسلك لك دينك وتقم لك مروءتك وإذا عاهدت عهدا فف به إذا وعدت خيرا فأنجزه واقبل الحسنة وادفع بها واغمض عن عيب كل ذي عيب من رعيتك واشدد لسانك عن قول الكذب والزور وابغض أهله واقص أهل النميمة فان أول فساد أمورك في عاجلها وآجلها تقريب الكذوب والجراءة على الكذب لان الكذب رأس المآثم والزور والنميمة خاتمها لان النميمة لا يسلم صاحبها وقائلها لا يسلم له صاحب ولا يستتم لمطيعها أمر واحب أهل الصلاح والصدق واعن الإشراف بالحق واس الضعفاء وصل الرحمن وابتغ بذلك وجه الله تعالى وإعزاز أمره والتمس فيه ثوابه والدار الآخرة واجتنب سوء الأهواء والجور واصرف عنهما رأيك واظهر براءتك في ذلك رعيتك وانعم بالعدل سياستهم وقم بالحق فيهم وبالمعرفة التي تنته بك إلى سبيل الهدى
واملك نفسك عند الغضب وآثر الوقار والحلم واساك والحدة والطيرة والغرور فيما أنت سبيله وإياك أن تقول أنا مسلط افعل ما أشاء فان ذلك سريع إلى نقص الرأي وقلة اليقين بالله عز وجل واخلص لله وحده لا شريك له النية فيه واليقين به واعلم أن الملك لله سبحانه وتعالى يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء ولن تجد تغير نعمة وحلول النقمة إلى أحد أسرع منه إلى حملة النعمة من أصحاب السلطان والمبسوط لهم في الدولة إذا كفروا نعم الله عز وجل وإحسانه واستطالوا بما آتاهم الله عز وجل من فضله ودع عنك شره نفسك ولتكن ذخائرك وكنوزك التي تدخر وتكنز البر والتقوى والمعدلة واستصلاح الرعية وعمارة بلادهم والتفقد لأمورهم والحفظ لدهمائهم والاغاثة لملهوفهم واعلم أن الأموال إذا كثرت وذخرت في الخزائن لا تنمو وإذا كانت في صلاح الرعية وإعطاء حقوقهم وكف مؤنة عنهم ربت وزكت ونمت وصلحت به العامة وتزينت به الولاية وطاب به الزمان واعتقد فيه العز والمنعة
فليكن كنز خزائنك تفريق الأموال في عمارة الإسلام وأهله ووفر منه على أولياء أمير المؤمنين قبلك حقوقهم وأوف رعيتك من ذلك حصصهم وتعهد ما يصلح أمورهم ومعاشهم فانك إذا فعلت ذلك قرت النعمة عليك واستوجبت المزيد من الله عز وجل وكنت بذلك على جباية خراجك وجمع أموال رعيتك وعملك اقدر وكان الجميع لما شملهم من عدلك وإحسانك اسلس لطاعتك وأطيب نفسا بكل ما أردت

الصفحة 460