@ 461 @
واجهد نفسك فيما حددت لك في هذا الباب ولتعظم حسنتك فيه وإنما بقي من المال ما انفق في سبيل الله واعرف للشاكرين شكرهم وأثبهم عليه
وإياك أن تنسبك الدنيا وغرورها هول الآخرة فتتهاون بما يحق عليك فان التهاون يورث التفريط والتفريط يورث البوار
وليكن عملك لله عزل وجل وارج الثواب فيه فان الله سبحانه قد اسبغ عليك نعمته واسبغ لديك فضله واعتصم بالشكر وعليه فاعتمد يزدك الله خيرا وإحسانا فان الله عز وجل يثيب بقدر شكر الشاكرين وسيرة المحسنين ولا تحقرن ذنبا ولا تمالئن حاسدا ولا ترحمن فاجرا ولا تصلن كفروا ولا تداهنن عدوا ولا تصدقن نماما ولا تأمنن غدارا ولا توالين فاسقا ولا تبتغين عاديا ولا تحمدن مرائيا ولا تحقرن إنسانا ولا تردن سائلا فقيرا ولا تحبن باطلا ولا تلاحظن مضحكا ولا تخلفن وعدا ولا ترهقن هجرا ولا تركبن سفها ولا تظهرن غضبا ولا تأسن مدحا ولا تمشين مرحا ولا تفرطن في طلب الآخرة ولا تدفع الأنام عتابا ولا تغمضن عن ظالم رهبة منه أو محاباة ولا تطلبن ثواب الآخرة في الدنيا
وأكثر مشاورة الفقهاء واستعمل نفسك بالحلم وخذ عن أهل التجارب وذوي العقل والريا والحكمة ولا تدخلن في مشورتك أهل الذمة والنحل ولا تسمعن لهم قولا فان ضررهم اكثر من منفعتهم وليس شيء أسرع فسادا لما استقبلت فيه أمر رعيتك من الشح واعلم انك إذا كنت حريصا كنت كثير الأخذ قليل العطية وإذا كنت كذلك لم يستقم لك أمرك إلا قليلا فان رعيتك إنما تقعد على محبتك بالكف عن أموالهم وترك الجور عليهم وابتدئ من صفا لك من أوليائك بالإفضال عليهم وحسن العطية لهم واجتنب الشح واعلم انه أول ما عصى الإنسان به ربه وان العاصي بمنزلة خزي وتدبر قول الله عز وجل { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون }