@ 463 @
شريف لشرفه ولا عن غنى لغناه ولا عن كاتب ولا عن أحد من خاصتك وحاشيتك ولا تأخذن منه فقو الاحتمال له ولا تكلف أمرا فيه شطط واحمل الناس كلهم على مر الحق فان ذلك اجمع لآفتهم وألزم لرضا العامة واعلم انك جعلت بولايتك خازنا وحافظا وراعيا وإنما سمي أهل عملك رعيتك لأنك راعيهم وقيمهم تأخذ منهم ما أعطوك من عفوهم ومقدرتهم وتنفذه في قوام أمرهم وصلاحهم وتقويم أودهم فاستعمل عليهم ذوي الرأي والتدبير والتجربة والخبرة بالعمل والعلم بالسياسة والعفاف ووسع عليهم في الرزق فان ذلك من الحقوق اللازمة لك فيما تقلدت واسند إليك ولا يشغلك عنه شاغل ولا يصرفك عنه صارف فانك متى آثرته وقمت فيه بالواجب استدعيت به زيادة النعمة من ربك وحسن الاحدوثة في عملك واحرزت به المحبة من رعيتك واعنت على الصلاح ودرت الخيرات فيبلدك وفشت العمارة بناحيتك وظهر الخصب في كورك وكثر خراجك وتوفرت أموالك وقويت بذلك على ارتباط جندك وارضاء العامة بإفاضة العطاء فيهم من نفسك وكنت محمود السياسة مرضى العدل في ذلك عند عدوك وكنت في أمورك كلها ذا عدل وآلة وقوة وعدة فنافس في ذلك ولا تقدم عليه شيئا تحمد فيه مغبة أمرك إن شاء الله تعالى واجعل في كل كورة من عملك أمينا يخبرك أخبار عمالك ويكتب إليك بسيرتهم وأعمالهم حتى كأنك مع كل عامل فيعمله معاين لأموره كلها فان أردت أن تأمرهم بأمر فانظر في عواقب ما أردت من ذلك فان رايت السلامة فيه والعافية ورجوت فيه حسن الدفاع والصنع فامضه وإلا فتوقف عنه وراجع أهل البصيرة والعلم به ثم خذ فيه عدته فانه ربما نظر الرجل في أمر من أموره قدره واتاه على ما يهوى فاغواه ذلك فأعجبه فان لم ينظر في عواقبه أهلكه ونقض عليه أمره فاستعمل الحزم في كل ما أردت وباشره بعد عون الله عز وجل بالقوة واكثر في استخارة ربك في جميع أمورك وافرع من عمل يومك ولا تؤخره لغدك واكثر مباشرته بنفسك فان لغد أمورا وحوادث تلهيك عن عمل يومك الذي أخرت