كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 5)

@ 464 @
واعلم أن اليوم إذا مضى ذهب بما فيه وإذا أخرت عمله اجتمع عليك أمور يومين فيشغلك ذلك حتى تعرض عنه وإذا أمضيت لكل يوم عمله أرحت نفسك وبدنك وأحكمت أمور سلطانك
وانظر أحرار الناس وذوي السن منهم ممن تستيقن صفاء طويتهم وشهدت مودتهم لك ومظاهرتهم بالنصح والمخالصة على أمرك فاستخلصهم واحسن إليهم وتعهد أهل البيوتات ممن قد دخلت عليهم الحاجة فاحتمل مؤنتهم واصلح حالهم حتى لا يجدوا لخلتهم مسا وافرد نفسك بالنظر في أمور الفقراء والمساكين ومن لا يقدر على رفع مظلمة إليك والمحتقر الذي لا علم له بطلب حقه فسل عنه أحفى مسالة ووكل بأمثاله أهل الصلاح من رعيتك ومرهم برفع حوائجهم وحالاتهم إليك لتنظر فيها بما يصلح الله به أمرهم وتعاهد ذوي البأساء وأيتامهم وأراملهم واجعل لهم أرزاقا من بيت المال اقتداء بأمير المؤمنين اعزه الله في العطف عليهم والصلة لهم ليصلح الله بذلك عيشهم ويرزقك به بركة وزيادة واجر للإضراب من بيت المال وقدم حملة القرآن منهم وللحافظين لاكثره في الجرائد على غيرهم
وانصب لمرضى المسلمين دورا تؤويهم وقواما يرفقون بهم وأطباء يعالجون أسقامهم وأسعفهم بشهواتهم ما لم يؤد لك إلى سرف في بيت المال واعلم أن الناس إذا أعطوا حقوقهم وفضل أمانيهم لم يرضهم ذلك ولم تطب أنفسهم دون رفع حوائجهم إلى ولاتهم طمعا في نيل الزيادة وفضل الرفق منهم وربما تبرم المتصفح لأمور الناس لكثرة ما يرد عليه ويشغل فكره وذهنه قليله عما يناله به من مؤنة ومشقة وليس من يرغب في العدل ويعرف محاسن أموره في العاجل وفضل ثواب الآجل كالذي يستثقل بما يقربه إلى الله تعالى ويلتمس رحمته واكثر الاذن للناس عليك وابرز لهم وجهك وسكن لهم حواسك واخفض لهم جناحك واظهر لهم بشرك ولن لهم في المسالة والمنطق واعطف عليهم بجودك وفضلك
وإذا أعطيت فاعط بسماحة وطيب نفس والتماس للصنيعة والأجر من غير تكدير

الصفحة 464