كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 5)

@ 476 @
الحارس إلى الختم استرابهن وقال خاتم رجل له شان ورفعهن إلى صاحب المسلحة فأمرهن أن يسفرن فامتنع إبراهيم فجذبه فبدت لحيته فدفعه إلى صاحب الجسر فعرفه فذهب به إلى باب المأمون واعلمه به فأمر بالاحتفاظ به إلى بكرة فلما كان الغد اقعد إبراهيم في دار المأمون والمقنعة التي تقنع بها في عنقه والملحفة على صدره ليراه بنو هاشم والناس ويعلموا كيف أخذ ثم حوله إلى احمد بن أبي خالد فحبسه عنده ثم أخرجه معه لما سار في الصلح إلى الحسن بن سهل فشفع فيه الحسن وقيل ابنته بوران
وقيل أن إبراهيم لما أخذ حمل إلى دار أبي إسحاق المعتصم وكان المعتصم عند المأمون فحمل رديفا لقرح التركي فلما دخل على المأمون قال له هيه يا إبراهيم فقال يا أمير المؤمنين ولي الثأر محكم في القصاص والعفو اقرب للتقوى ومن تناوله الاغترار بما مد له من أسباب الشقاء أمكن عادية الدهر من نفسه وقد جعلك الله فوق كل ذي ذنب كما جعل كل ذي ذنب دونك فان تعاقب فبحقك وان تعف فبفضلك قال بل اعفو يا إبراهيم فكبر وسجد وقيل بل كتب إبراهيم هذا الكلام إلى المأمون وهو متخف فوقع المأمون في حاشية رقعته القدرة تذهب الحفيظة والندم توبة وبينهما عفو الله عز وجل وهو اكبر ما يسأله فقال إبراهيم يمدح المأمون
( يا خير من رفلت يمانية به ... بعد النبي لآيس أو طائع )
( وابر من عبد الاله على التقى ... غيبا واقوله بحق صادع )
( عسل الفوارع ما اطعت فان نهج ... فالصاب يمزج بالسمام الناقع )
( متيقظا حذرا وما نخشى العدى ... نبهان من وسنان ليل الهاجع )
( ملئت قلوب الناس منك مخافة ... وتبيت تكلؤهم بقلب خاشع )
( بابي وامي فدية وابيهما ... من كل معضلة وذنب واقع )

الصفحة 476