@ 479 @
شديدا وكان القائد في قلة فجال أصحابه وسير بريدا إلى عبد الله بن طاهر بخبره فحمل عبد الله الرجال على البغال وجنبوا الخيل وأسرعوا السير فلحقوا بالقائد وهو يقاتل ابن السري فلما رأى ابن السري ذلك لم يصبر بين أيديهم وانهزم عنهم وتساقط اكثر أصحابه في الخندق فمن هلك منهم بسقوط بعضهم على بعض كان اكثر ممن قتله الجند بالسيف
ودخل ابن السري مصر واغلق الباب عليه وعلى أصحابه وحاصره عبد الله فلم يعد ابن السري يخرج إليه وانفذ إليه ألف وصيف ووصيفة مع كل واحدة منهم ألف دينار فسيرهم ليلا فردهم ابن طاهر وكتب إليه لو قبلت هديتك نهارا لقبلتها ليلا بل انتم بهديتكم تفرحون ارجع إليهم { فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون } قال فحينذ طلب الأمان وقيل كان سنة إحدى عشرة
وذكر احمد بن حفص بن أبي الشماس قال خرجنا مع عبد الله بن طاهر إلى مصر حتى إذا كنا بين الرملة ودمشق إذ نحن بأعرابي قد اعترض فإذا شيخ على بعير له فسلم فرددنا عليه السلام قال وكنت أنا وإسحاق بن إبراهيم الرافقي وإسحاق بن أبي ربعي ونحن نساير الأمير وكنا افره منه دابة وأجود كسوة
قال فجعل الأعرابي ينظر إلى وجوهنا
قال فقلت يا شيخ قد ألححت في النظر اعرفت شيئا أنكرته قال لا والله ما عرفتكم قبل يومي هذا ولكني رجل حسن الفراسة في الناس قال فأشرت إلى إسحاق بن أبي ربعي وقلت ما تقول في هذا فقال
( أرى كاتبا داهي الكتابة بين ... عليه وتأديب العراق منير )
( له حركات قد يشاهدن انه ... عليم بتسقيط الخراج بصير )
ونظر إلى إسحاق بن إبراهيم الرافقي فقال
( ومظهر نسك ما عليه ضميره ... يحب الهدايا بالرجال مكور )
( أخال به جبنا وبخلا وشيمة ... تخبر عنه انه لوزير )
ثم نظر إلي وقال
( وهذا نديم للأمير ومؤنس ... يكون له بالقرب منه سرور )