كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 5)

البصريين والفراء إلى أنها مركبة من كاف التشبيه ومن (إن)، فأصل كأن زيدًا أسدٌ: إن زيدًا كأسدٍ، فالكاف للتشبيه، و (إن) مؤكدة له، ثم أرادوا الاهتمام بالتشبيه الذي عليه عقدوا الجملة، فأزالوا الكاف من وسط الجملة، وقدموها إلى أولها لإفراط عنايتهم بالتشبيه، فلما أدخلوا الكاف على (إن) وجب فتحها لأن (إن) المكسورة الهمزة لا يتقدمها حرف الجر، ولا تقع إلا أولًا أبدًا، وبقي معنى التشبيه الذي كان فيها وهي متوسطة كحالة فيها وهي/ متقدمة.
وقال بعض البصريين: "هذا خطأ لأنه يلزم قائله أن يأتي بخبر الكاف" انتهى.
وقول ابن هشام: "لا خلاف في أنها مركبة من إن وكاف التشبيه" ليس بصحيح لوجود الخلاف فيها.
والأولى أن تكون (كأن) حرفًا بسيطًا وُضع للتشبيه كالكاف، وألا تكون مركبة من الكاف و (إن)؛ لأن التركيب على خلاف الأصل.
واختلف القائلون بالتركيب: هل تتعلق هذه الكاف بشيء أم لا؟ فقال أبو الفتح: "الكاف لما تقدمت بطل أن تكون متعلقة بفعلٍ ولا معنى فعلٍ لأنها فارقت الموضع الذي يُمكن أن تتعلق فيه بمحذوف، فزال ما كان لها من التعلق بمعاني الأفعال في حال توسطها".
قال: "وليست هنا زائدة لأن معنى التشبيه موجود فيها، وإن كانت قد تقدمت فأزيلت عن مكانها، وإذا كانت غير زائدة فقد بقي النظر في (أن) التي دخلت عليها، هل هي مجرورة بها أو غير مجرورة".

الصفحة 12