كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 5)

وثمرة هذا الخلاف تظهر فيجمع المؤنث السالم، فمن زعم أن الفتحة إعراب قال "لا ورقات لك" بالكسرة، ومن زعم أنها بناء لزمه أن يفتح لأنه مركب معها، وحركة آخر المركب المبني إنما هي الفتح، نحو: خمسة عشر.
وذهب الكسائي إلى أن السبب في نصب النكرات بعد (لا) أن النكرات يبتدأ بأخبارها قبلها لئلا توهمك أخبارها أنها صلات لها، فلما تقدم الاسم في باب (لا) التي للتبرئة، وتأخر الخبر، أرادوا أن يفصلوا بين ما ابتدئ بخبره وبين ما لا يكون خبره إلا بعده، فغيروه من الرفع إلى النصب، ونصبوه بغير تنوين لأنه ليس بنصب صحيح، إنما هو مغير، كما فعلوا في النداء حين خالفوا به نصب المضاف، فرفعوه بغير تنوين.
وذهب الفراء إلى أن السبب في نصب النكرة بعدها أنها خرجت عن بابها، وذلك أن بابها أن تكون بمعنى (غير) في الخبر، وتقديرها أن تكون هي وما بعدها كالتابعة لضمير قبلها، ويكون بعدها مضمر يحمل عليه الاسم، وذلك عند قولك: زيد لا عالم ولا جاهل، أي: زيد رجل غير عالم وغير جاهل، أو: زيد لا هو عالم ولا هو جاهل. قال: فلما جاءت في معنى (ليس) أخرجوها من معنى (غير) بالنصب لئلا يتوهم السامع أنها محمولة على شيء قبلها، فجعلوا هذا علمًا لما أرادوا من خروجهم من معنى إلى معنى.
وما ذهب إليه الكسائي والفراء باطل بدليل أن (لا) إذا وقعت بعدها النكرة، ولم يرد بها العموم، لم تنصبها (لا)، بل تكون مرفوعة على الابتداء، ويلزم تكرارها إذ ذاك، فتقول: لا رجل في الدار بل رجلان،

الصفحة 250