كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 5)

ارتياب في كونهم لم يقصدوا الإضافة، ولكنهم قصدوا إعطاء الأسماء المذكورة حكم المضاف إذا كانت موصوفة بلام الجر ومجرورها، ولم يفصل بينهما، وذلك أن الصفة يتكمل بها الموصوف كما يتكمل المضاف بالمضاف إليه، فإذا انضم إلى ذلك كون الموصوف معلوم الافتقار إلى مضاف إليه، وكون الصفة متصلة بالموصوف، وكونها باللام التي تلازم معناها الإضافة غالبًا، وكون المجرور صالحًا لأن يضاف إليه الأول، تأكد شبه الموصوف بالمضاف، فجاز أن يجري مجراه فيما ذكر من الحذف والإثبات، فمن ثم لم يبالوا بـ (فيها) أن يجري هذا المجرى، كقول الشاعر:
وداهية من دواهي المنو ن، يرهبها الناس، لا فا لها
فنصبه بالألف كما ينصبه في الإضافة. انتهى ما ذكره المصنف من الاستدلال لما اختاره في هذه المسألة.
فأما ما ذهب إليه الفارسي في أحد قوليه وابن يسعون وابن الطراوة من أن "لا أبا لك" و"لا أخا لك" جاء على لغة القصر، و (لك) في موضع الخبر، فيحتاج إلى إثبات أن قائل "لا أبا لك" و"لا أخا لك" إذا استعملوهما مفردين لم يحذفوا لاميهما، وذلك شيء لا يعرف أحد نقله عن أرباب هذه اللغة.
وأما استدلال ابن يسعون على امتناع الإضافة بقولهم "لا أخا -فاعلم- لك" من جهة الفصل بالجملة فلا دليل/ في ذلك؛ لأن الفصل بين المتضايفين بجملة الاعتراض سائغ، ومن ذلك ما حكاه أبو عبيدة من أنه سمع أبا سعيد -وهو أعرابي لقبه أو الدقيش- يقول: "إن الشاة

الصفحة 258