كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 5)

لك) فكأنك قلت: [أنت] أهل للدعاء عليك، وليس دعاء صريحًا؛ إذ لو كان دعاء صريحًا لما جاز أن يُقال لمن ليس له أب: لا أبا لك، كما لا يُقال للأعمى: أعماه الله، وقوله:
يا تيم تيم عدي، لا أبا لكم لا يُلقينكم في سوأةٍ عمر
أقوى دليل على ما ذكرناه؛ لأنه ليس لتيم كلها أب أحد، ولكن معناه: كلهم أهل للدعاء عليه".
وكذلك أيضًا "لا أخا لك" لم يُرد به نفي الأخ حقيقة، قال: "ويؤكد ذلك قول الشاعر:
أفي كل عامٍ بيضةٌ تفقؤونها وتترك أخرى فردةً لا أخا لها
ولم يقل: لا أخت لها".
فثبت إذًا بما ذكرناه أن المعنى ليس على ما يعطيه ظاهر اللفظ من نفي أب وأخ معينين؛ لأن المعنى ليس على ذلك، وإذا لم يُرد أبًا وأخًا مُعينين كانت الإضافة غير معرفة، فلم يزل من ذلك إعمال (لا) في اسم معرفة.
وزعم ابن السراج أن الأب إنما لم يتعرف بالإضافة لأن إضافته في نية الانفصال، وأن الأصل قبل الإضافة: لا أبًا لك، والمجرور الذي هو (لك) من تمام الأب، ولذلك نون لطوله به، والخبر مضمر، إلا أنهم حذفوا التنوين استخفافًا، وأضافوا، وألزموا اللام لتدل على هذا المعنى،

الصفحة 263