كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 5)

لعامل غير منطوق به، وهو شيء لا يُعلم له نظير، فوجب الإعراض عنه والتبرؤ منه.
والوجه عندي في (لا أبا لك) أن يكون دعاء على المخاطب لئلا يأباه الموت. وهذا توجيه ليس فيه من التكلف شيء" انتهى ما ذكره في (لا أباك) وتوجيهه إياه على أنه فعل ماض دخلت عليه (لا) للدعاء، وفاعله ضمير الموت المذكور في قوله:
أبالموت الذي لا بد أني .............................
وضمير المصدر المفهوم من قوله:
وقد مات شماخٌ ................. ..................
والذي ذكر النحويون أن اللام المحذوفة مقدرة، وإن كانت إذا أتى بها مقحمة زائدة؛ لأنهم لما استعملوها في حال الإضافة إصلاحًا للفظ، ورفضوا ترك الإتيان بها - وإن كان الأصل - صار الإتيان بها كأنه الأصل، فلما اضطر الشاعر إلى إسقاطها قدرها، ونواها لذلك،/ وإذا كانت مقدرة وجب أن يكون خفض الضمير بها لا بالإضافة؛ لأن المنوي المقدر بمنزلة الثابت الملفوظ به، وأنت إذا لفظت باللام كان الخفض بها.
ومما يبين أيضًا أن اللام منوية مقدرة قولهم (لا أباي)، حكي ذلك الأستاذ أبو بكر بن طاهر؛ ألا ترى أن اللام لو لم تكن مقدرة لقالوا (لا أبي) كما قالوا (لطمت في)، فلما لم تُكسر الباء في (لا أباي) دل ذلك على أن الكسرة التي توجبها ياء المتكلم ليست في اللام المردودة، وإنما هي في اللام المحذوفة المقدرة.

الصفحة 270