كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 5)

من المبتدأ المحذوف، ولذلك لم يقولوا "هذان لا سواءٌ" فيجمعوا بين العوض والمعوض منه، فلما جعلوا (لا) عوضًا من المبتدأ المحذوف أجروها مُجرى المبتدأ، فكما أنه لا يلزم التكرار في قولك "هذان سواءٌ" فكذلك لم يكرروا (لا) في قولهم "لا سواءٌ".
وأما التي فُصل بينها وبين الاسم بخبر فامتنع إعمالها فيه من جهة أن (لا) العاملة تنزلت من الاسم الذي عملت فيه منزلة (من) الزائدة من الاسم الذي دخلت عليه في الجملة الاستفهامية التي وقعت (لا) جوابًا لها؛ فكما لا يجوز الفصل بين (من) الزائدة وما عملت فيه فكذلك لا يجوز الفصل بين (لا) وبين الاسم الذي عملت فيه، فوجب لذلك إذا فُصل بينهما ألا تعمل فيه، ويجب فيها أيضًا أن تُكرر لأن (لا) غير العاملة في الاسم إنما جعلتها العرب في جواب من سأل بالهمزة و (أم)، وقد تدخل على المعرفة، فيغني عن تكرارها حرف نفي غيرها، وهو قليل، قال الشاعر:
وكان طوى كشحًا على مُستكنةٍ فلا هو أبداها، ولم يتجمجم
وقوله في غير ضرورة مثال ما لم تُكرر فيه مع المعرفة قوله:
بكت أسفًا واسترجعت، ثم آذنت ركائبها أن لا إلينا رجوعها
ويروي: بكت جزعًا، وقوله:
أشاء ما شئت حتى لا أزال لما لما أنت شائيةٌ من شأننا شاني
ومثال ما لم تُكرر فيه مع الفصل قول الشاعر:

الصفحة 282