كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 5)

قال بعض أصحابنا: وهذا الذي قاله السيرافي إذا حققته اضمحل، وذلك أن جواب من سأل بالهمزة خاصة إنما يكون بـ (نعم) أو بـ (لا) إذا كان السؤال ملفوظًا به، نحو: أغلامٌ عندك؟ فعندما تُجيب هذا تقول: نعم، أو: لا، وأما إذا قدرت سؤالًا فإنما يكون الجواب بالاسم؛ لأنه لا يدري أحد ما يُعني بـ (نعم) أو (لا)، فيتعين هنا الجواب بالاسم.
فهذا الذي ذكرناه للمبرد أن يقوله، وهو حق، وإنما يُرد عليه بأن العرب لم تقل قط (لا غلامٌ) وتلغي (لا) دون تكرار إلا شذوذًا، نحو:
................... .............. أن لا إلينا رُجوعها
فكونهم لا يقولون (لا زيدٌ) دليلٌ على أنهم قد عزموا على أن تكون هذه الملغاة جوابًا لمن سأل بالهمزة وأم، وإذا أرادوا جواب من سأل بالهمزة قالوا: ما زيدٌ عندي، أو: ما عمروٌ. فهذا الذي أراد س، فهو تعليل بعد السماع. فما ذهب إليه المبرد ساقط إذ لا سماع يعضده، ولا يُحفظ من كلامهم. انتهى.
وقوله وكذا التاليها خبرٌ مفردٌ أو شبهه مثال ما وليها خبر مفرد قولك: زيدٌ لا قائمٌ ولا قاعدٌ. وأفهم قوله (مفرد) أنه إذا وليها الخبر وهو جُملة فلا يلزم تكرارها، وليس كذلك، بل إن كانت فعلية كان ذلك، نحو: زيدٌ لا يقوم، وإن كانت اسمية فيلزم تكرارها إلا في ضرورة.
وشبه الخبر المفرد الحال والنعت، نحو: نظرت إليه لا قائمًا ولا قاعدًا، ومررت برجلٍ لا قائمٍ ولا قاعدٍ، فيلزم تكرار (لا) في هذه المواضع إلا في ضرورة، نحو قول الشاعر:

الصفحة 284