كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 5)

أَهْلَهَا وَنَزَعَ إلَيْهِمْ (الْأَجْنَبِيَّةُ) لِأَنَّ وَلَدَهَا يَكُونُ أَنْجَبَ، وَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ الْفِرَاقَ، فَيُفْضِي مَعَ الْقَرَابَةِ إلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ الْمَأْمُورِ بِصِلَتِهَا. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْغَرَائِبَ أَنْجَبُ وَبَنَاتِ الْعَمِّ أَصْبَرُ (الْبِكْرُ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِجَابِرٍ: «فَهَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُك» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(إلَّا أَنْ تَكُونَ مَصْلَحَتُهُ فِي نِكَاحِ ثَيِّبٍ أَرْجَحُ) فَيُقَدِّمُهَا عَلَى الْبِكْرِ مُرَاعَاةً
لِلْمَصْلَحَةِ.

وَ (لَا) يَنْبَغِي تَزَوُّجُ (بِنْتِ زِنًا وَلَقِيطَةٍ وَحَمْقَاءَ وَدَنِيئَةِ نَسَبٍ) وَمَنْ لَا يُعْرَفُ أَبُوهَا (وَلَا يَصْلُحُ مِنْ النِّسَاءِ مَنْ قَدْ طَالَ لُبْثُهَا مَعَ رَجُلٍ، وَمِنْ التَّفْضِيلِ تَزَوُّجُ شَيْخٍ بِصَبِيَّةٍ) ، أَيْ شَابَّةٍ (وَيَمْنَعُ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ مِنْ مُخَالَطَةِ النِّسَاءِ؛ فَإِنَّهُنَّ يُفْسِدْنَهَا عَلَيْهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَسْكُنَ الرَّجُلُ بِهَا) أَيْ بِزَوْجَتِهِ (عِنْدَ أَهْلِهَا) لِسُقُوطِ حُرْمَتِهِ عِنْدَهَا بِذَلِكَ (وَأَنْ لَا يُدْخِلَ بَيْتَهُ مُرَاهِقًا وَلَا يَأْذَنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ) مِنْ بَيْتِهِ؛ لِأَنَّهَا إذَا اعْتَادَتْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ مَنْعِهَا بَعْدَ ذَلِكَ (وَلَا يَسْأَلُ عَنْ دِينِهَا حَتَّى يُحْمَدَ لَهُ جَمَالُهَا) قَالَ أَحْمَدُ: إذَا خَطَبَ الرَّجُلُ امْرَأَةً سَأَلَ عَنْ جَمَالِهَا أَوَّلًا، فَإِنْ حُمِدَ سَأَلَ عَنْ دِينِهَا، فَإِنْ حُمِدَ تَزَوَّجَ، وَإِنْ لَمْ يُحْمَدْ يَكُونُ رَدًّا لِأَجْلِ الدِّينِ، وَلَا يَسْأَلُ أَوَّلًا عَنْ الدِّينِ، فَإِنْ حُمِدَ سَأَلَ عَنْ الْجَمَالِ، فَإِنْ لَمْ يُحْمَدْ رَدَّهَا لِلْجَمَالِ لَا لِلدِّينِ.
فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَمَنْ اُبْتُلِيَ بِالْهَوَى فَأَرَادَ التَّزْوِيجَ، فَلْيَجْتَهِدْ فِي نِكَاحِ الَّتِي اُبْتُلِيَ بِهَا إنْ صَحَّ ذَلِكَ وَجَازَ، وَإِلَّا فَلْيَتَخَيَّرْ مَا يَظُنُّهُ مِثْلَهَا انْتَهَى. وَمَنْ أَمَرَهُ بِهِ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا. قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَأَبِي دَاوُد: أَمَرْتُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَوْ كَانَ شَابًّا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ، أَمَرْتُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ، فَجَعَلَ أَمْرَ الْأَبَوَيْنِ لَهُ بِذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ خَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ، وَلِوُجُوبِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: وَاَلَّذِي يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ لَا يَتَزَوَّجُ أَبَدًا، إنْ أَمَرَهُ بِهِ أَبُوهُ تَزَوَّجَ (وَلَيْسَ لِوَالِدَيْهِ إلْزَامُهُ بِنِكَاحِ مَنْ لَا يُرِيدُ) نِكَاحَهَا؛ لِعَدَمِ حُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا (فَلَا يَكُونُ عَاقًّا) بِمُخَالَفَتِهِمَا ذَلِكَ (كَأَكْلِ مَا لَا يُرِيدُ) أَكْلَهُ (قَالَهُ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ (وَلَا يَزِيدُ عَلَى وَاحِدَةٍ نَدْبًا إنْ عَفَّتْهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْرِيضِ لِلْمُحَرَّمِ. قَالَ تَعَالَى:

الصفحة 9