كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)
صفحة رقم 102
العمل فيأتي كما يريد ) لتحصنكم ) أي اللبوس أو داود أو الله على قراءة الجماعة في حصن مانع ، وهو معنى قراءة النون الدال على مقام العظمة عند أبي بكر عن عاصم ورويس عن يعقوب ، وقراءة أبي جعفر وابن عامر وحفص بالفوقانية للدروع نظراً إلى الجنس ) من بأسكم ( الكائن مما يحصل من بعضكم لبعض من شدائد الحرب لا من الباس كله ) فهل أنتم شاكرون ( لنا على ذلك لتوحدنا وتؤمنوا بأنبيائنا ؛ قال البغوي : قال قتادة : أول من صنع الدروع وسردها وحلقها داود عليه السلام ، وكانت من قبل صفائح ، والدرع يجمع الخفة والحصانة .
ولما كان قد سخر لابنه سليمان عليه السلام الريح التي هي أقوى من بقية العناصر قال : ( ولسليمان ( معباً باللام لأنها كانت تحت أمره لنفعه ولا إبهام في العبارة ) الريح ( قال البغوي : وهي جسم لطيف يمتنع بلطفه من القبض عليه ، ويظهر للحس بحركته ، وكان سليمان عليه السلام يأمر بالخشب فيضرب له ، فإذا حمل عليه ما يريد من الدواب ، الناس وآلة الحرب أمر العاصفة فدخلت تحت الخشب فاحتملته حتى إذا استقلت به أمر الرخاء تمر به شهراً في غدوته وشهراً في روحته - انتهى ملخصاً .
فكان الريحان مسخرتين له ، ولكن لما كان السياق هنا لبيان الإقدار على الأفعال الغريبة الهائلة ، قال : ( عاصفة ) أي شديدة الهبوب ، هذا باعتبار عملها ، ووصفت بالرخاء باعتبار لطفها بهم فلا يجدون لها مشقة ) تجري بأمره ( غذا أمرها غادية ورائحة ذاهبة إلى حيث اراد وعائدة على حسب ما يريد ، ىية في آية .
ولما كان قد علم مما مضى من القرآن لحامله المعتني بتفهم معانيه ، ومعرفة أخبار من ذكر فيه ، أنه من بني إسرائيل ، وأن قراره بالأرض المقدسة فكان من المعلوم أنه يجريها غلى غيره ، وكان الحامل إلى مكان ربما تعذر عوده مع المحمول ، عبر بحرف الغاية ذاكراً محل القرار دلالة علىأنها كما تحمله ذهاباً إلىحيث أراد من قاص ودان - تحمله إلى قراره اياماً فقال : ( ألى الأرض التي باركنا ) أي بعزتنا ) فيها ( وهي الشام ) وكنا ) أي أزلاً وأبداً بإحاطة العظمة ) بكل شي ( من هذا وغيره من أمره وغيره ) عالمين ( فكنا على كل شيء قادرين ، فلولا رضانا به لغيرناه عليه كما غيرنا على من قدمنا أمورهم ، وهذا من طراز ) قل ربي يعلم القول ( كما مضى ، وتسخير الريح له كما سخرت للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) ليالي الأحزاب ، قال حذيفة رضي الله عنه : حتى كانت تقذفهم بالحجارة ، ما تجاوز عسكرهم فهزمهم الله بها وردوا بغيظهم لم ينالو خيراً .
وأعم من جميع ما أعطى الأنبياء عليهم السلام أنه أعطى ( صلى الله عليه وسلم ) التصرف في العالم العلوي الذي