كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 103
جعل سبحانه من الفيض على العالم السفلي بالاختراق لطباقة بالإسراء تارة ، وبإمساك المطر لما دعا بسبع كسبع يوسف ، وبإرساله اخرى كما في أحاديث كثيرة ، وأتي مع ذلك بمفاتيح خزائن الأرض كلها فردها ( صلى الله عليه وسلم ) .
ولما ذكر تسخير اليح له ، ذكر أنه سخر له مأغلبعناصره النار والريح للعمل في الماء ، مقابلة لارتفاع الحمل في الهواء باستفال الغوص في الماء فقال : ( ومن ) أي وسخرنا له من ) الشياطين ( الذين هم أكثر شيء تمرداً وعتواً ، وألطف شيء أجساماً ) من ( وعبر بالجمع لأنه أدل على عظم التصرف فقال : ( يغوصون له ( في المياه لما يأمرهم به من استخراج الجواهر وغيرها من المنافع ، وذلك بأن أكثفنا أجسامهم مع لطافتها لتقبل الغوص في الماء معجزة في معجزة ، وقد خنق نبينا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) العفريت الذي جاء بشهاب من نار وأسر جماعة من أصحابه رضي الله عنهم عفاريت أتوا إلى ثمر الصدقة وأمكنهم الله منهم ) ويعملون عملاً ) أي عظيماً جداً .
ولما كان إقدارهم على الغوص اعلى ما يمون في أمرهم ، وكان المراد استغراق إقدارهم على ما هو أدنى من ذلك مما يريده منهم ، نزع الجار فقال : ( دون ذلك ) أي تحت هذا الأمر العظيم أو غيره من بناء ما يريد ، واصطناع ما يشاء ، من الصنائع العجيبة ، والآثار الغريبة ، وفي ذلك تسخير الماء والتراب بواسطة الشاطين ، فقد ختم عند انتهاء الإشارة إلى تسخير العناصر - بمن سخر له العناصر الربعة كما ابتدأ بذلك ) وكنا ( اي بعظمتنا التي تغلب كل سيء ) لهم حافظين ( من أن يفعلوا غير ما يريد ، ولمن يذكر هوداً عليه السلام هنا ، إن كان قد سخر له الريح ، لن عملها له كان على مقتضى العادة في التدمير والأذى عند عصوفها وإن كان خارقاً بقوته ، والتي لسليمان عليه السلام للنجاة والمنافع ، هذا مع تكرارها فأمرها أظهر ، وفعلها أزكى وأطهر .
ولما أتم سبحانه ذكر من سخر لهم العناصر التي منها الحيوان المحتوم ببعثته تحقيقاً لذلك ، ذكر بعدهم من وقع له أمر من الخوارق يدل على ذلك ، إما بإعادة

الصفحة 103