كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 5)

صفحة رقم 115
مثلاً إذا قومك منه يصدون وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قوم خصمون ( ثم نزلت ) إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ( رواه الحافظ أبو عبد الله في كتابة الأحاديث المختارة انتهى .
وفي السيرة النبوية أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لما بلغه اعتراض ابن الزبعرى قال : ( كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده ، إنهم إنما يعبدون الشياطين ومن أمرتهم بعبادته .
( وقد أسلم ابن الزبعرى بعد ذلك ومدح النبي ( صلى الله عليه وسلم ) .
ولما كان أقل ما ينكىء من المكروه سماعه ، قال : ( لا يسمعون حسيسها ) أي حركتها البالغة وصوتها الشديد ، فكيف بما دونه لأن الحس مطلق الصوت أو الخفي منه كما قال البغوي ، فإذا زادت حروفه زاد معناه ) وهم ) أي الذين سبقت لهم منا الحسنى ) في ما ( ولما كانت الشهوة - وهي طلب النفس اللذة - فقال : ( اشتهت أنفسهم ( في الجنة ) خلدون ) أي دائماً أبداً .
ولما كان المعنى ذلك أن سرورهم ليس له زوال ، أكده بقوله : ( لا يحزنهم ) أي يدخل عليهم حزناً - على قراءةالجماعة حتى نافع بالفتح ، عن حزنه ، أو جعلهم حزبين - على قراءة أبي جعفر بضم ثم كسر ، من أحزنه - رباعياً ، فهي اشد ، فالمنفي فيها بالغاً في يكون لهم صفة ) الفزع الأكبر ) أي فما الظن بما دونه ) وتتلقاهم ) أي تلقياً بالغاً في الإكرام ) الملائكة ( حيثما توجهوا ، قائلين بشارة لهم : ( هذا يومكم ( إضافة إليهم لأنهم المنتفعون به ) الذي كنتم ( في الدنيا .
ولما تطابق على الوعد فيه الرسل والكتب والأولياء من جميع الأتباع ، بنى الفعل للمفعول إفادة للعموم فقال : ( توعدون ) أي بحصول ما تتمنون فيه من النصر والفوز العظيم ، والنعيم المقيم ، فأبشروا فيه بجميع ما يسركم .
ولما كانت هذه الأفعال على غاية من الأهوال ، تتشوف بها النفس إلى معرفة اليوم الذي تكون فيه ، قال تعالى شافياً لعيّ هذا السؤال ، زيادة في تهويل ذلك اليوم لمن له وعي : ( يوم ) أي تكون هذه الأشياء يوم ) نطوي ) أي بما لنا من العظمة الباهرة ) السماء ( طياً فتكون كأنها لم تكن ؛ ثم صور طيّها بما يعرفون فقال مشبهاً للمصدر

الصفحة 115